الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل يمكن للجن أن ترى الملائكة ؟

227132

تاريخ النشر : 24-03-2015

المشاهدات : 48682

السؤال

هل ترى الجنُ الملائكة ؟

الجواب

الحمد لله.

تقدم في جواب السؤال رقم : (96661) أن الملائكة - عليهم السلام - يمكن أن تتشكل على صورة أحد من البشر ، وأنه يمكن للإنسان أن يراهم على هذه الصورة ، أما صورهم التي خلقهم الله عليها : فلا يمكن لأحد من هذه الأمة أن يراهم عليها ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أما الجن : فكذلك يمكن أن يروا الملائكة على تلك الهيئات المختلفة ، ولا يوجد في نصوص الشرع ما يمنع من ذلك فيما علمنا ، بل فيها ما يدل عليه في الجملة ، فقد رأى الشيطان الملائكة يوم بدر وفر هاربا ، قال الله تعالى : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) الأنفال/48 .

روى الطبري رحمه الله في " تفسيره " (13/ 7) عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : " جاء إبليس يوم بدر في جُنْد من الشياطين ، معه رايته ، في صورة رجل من بني مُدلج ، والشيطان في صورة سراقة بن مالك بن جعشم ، فقال الشيطان للمشركين : ( لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم ) ، فلما اصطف الناس ، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبضةً من التراب فرمى بها في وجوه المشركين ، فولَّوا مدبرين . وأقبل جبريل إلى إبليس ، فلما رآه ، وكانت يده في يد رجل من المشركين ، انتزع . إبليس يده فولَّى مدبرًا هو وشيعته ، فقال الرجل : يا سراقة ، تزعم أنك لنا جار ؟ قال : ( إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب ) ، وذلك حين رأى الملائكة " .
وروى (13/ 10) عن الحسن قال : " سار إبليس مع المشركين ببدر برايته وجنوده ، وألقى في قلوب المشركين أن أحدًا لن يغلبكم وأنتم تقاتلون على دين آبائكم ، ولن تغلبوا كثرةً ! فلما التقوا نكص على عقبيه – يقول : رجع مدبرًا – وقال : ( إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون ) ، يعني الملائكة " .

فهذه رؤية إبليس الذي هو أصل الجن للملائكة ، وهي رؤيا عذاب ، كرؤية الكافرين الملائكة وقت الاحتضار ويوم القيامة ، قال تعالى : ( يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ) الفرقان/ 22 .
وقال تعالى : ( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ) الْأَنْفَالِ/ 50 ، وَقَالَ : ( وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) الْأَنْعَامِ/ 93 .

بخلاف رؤيا المؤمنين ، فإنها رؤيا رحمة وبشرى ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنزلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ) فُصِّلَتْ/ 30 -32 .

قال ابن كثير رحمه الله :
" الْمَلَائِكَةَ فِي هَذَيْنَ الْيَوْمَيْنِ يَوْمِ الْمَمَاتِ وَيَوْمِ الْمَعَادِ تَتَجَلَّى لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِلْكَافِرِينَ ، فَتُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ بِالرَّحْمَةِ وَالرِّضْوَانِ ، وَتُخْبِرُ الْكَافِرِينَ بِالْخَيْبَةِ وَالْخُسْرَانِ ، فَلَا بُشْرَى يَوْمئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ " انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/ 102) .

والحاص : أننا لا نعلم من الأدلة الشرعية ما يمنع من رؤية الجن للملائكة ، بل ورد ما يدل على ثبوتها في الجملة .

والذي يحسن بالمسلم وينبغي له أن يهتم بما يعنيه من أمر دينه فيسأل عنه ويتعلمه ، أما التعمق والتكلف في السؤال عما لا يعنيه ولا يحتاج إليه ، فليس ذلك مما يحسن بالمسلم ، نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب