الحمد لله.
أعدَّ الله الجنة كرامة لأوليائه الذين أطاعوه في الدنيا ، وصبروا على امتثال أمره واجتناب نهيه ، وجعل فيها كل محبوب لهم كما قال سبحانه : ﴿یُطَافُ عَلَیۡهِم بِصِحَافࣲ مِّن ذَهَبࣲ وَأَكۡوَابࣲۖ وَفِیهَا مَا تَشۡتَهِیهِ ٱلۡأَنفُسُ وَتَلَذُّ ٱلۡأَعۡیُنُۖ وَأَنتُمۡ فِیهَا خَٰلِدُونَ﴾ [الزخرف: 71]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ذُخْرًا بَلْهَ مَا أُطْلِعْتُمْ عَلَيْهِ ) ، ثُمَّ قَرَأَ ( فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .
رواه البخاري ( 3072 ) ومسلم ( 2824 )
و تبعا لهذا فنحن نؤمن أن حال من يدخل الجنة هو أكمل الحالات وأفضلها وأعلاها من كل الوجوه ، سواء علمنا تفاصيل ذلك أم لم نعلم ، وإن كان العلم بالتفاصيل في بعض الأحوال مما يزيد من همة المسلم ورغبته في فعل الخير .
ومن هذه الأحوال التي هي أكمل الأحوال أعمارُ أهل الجنة ، وقد ورد فيها الحديث بأنهم يدخلونها "أبناء ثلاث وثلاثين" رواه الترمذي 2545 وحسنه الألباني في تخريج المشكاة 5634 .
قال ابن القيم رحمه الله عن هذا السن إن فيه من الحكمة ما لا يخفى فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات ، لأنه أكمل سن القوة . (حادي الأرواح ص 111) .
أما زيادة أعمارهم من عدمها فقد وردت أحاديث لا تَثْبُت فيها أنهم لا تزيد أعمارهم ، و الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم ( لا يفنى شبابهم ) رواه الترمذي 2539 وحسنه الألباني في صحيح الترمذي 2062 .
وأيّاً كان الحال فإن من المتقرر من القاعدة السابقة أنهم يكونون في أكمل حال ، فهم باقون في سن الشباب دائماً وأبداً ، نعيمهم يزيد ولا ينقص ، وعيشهم يطيب ولا يُنَغًّص .
نسأل الله بمنِّه وكرمه ورحمته أن يجعلنا وإيَّاك وجميع المسلمين من أهل تلك الدار ، وأن يعيننا على العمل بدينه ولدينه حتى نلقاه وهو راضٍ عنَّا ، إنه أرحم الراحمين .
تعليق