الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

إعطاء زكاة المال لجمعيات الإغاثة لعدم القدرة على إيصالها إلى المنكوبين

242603

تاريخ النشر : 30-04-2016

المشاهدات : 15714

السؤال


أعيش في فرنسا ، وعلي زكاة مال ، فأخرج بعضها هنا ، وأريد أن أخرج البعض الآخر للمسلمين الذين يعانون من ويلات الحروب ، مع العلم أني لا أستطيع الوصول إليهم وإرسال الأموال مباشرة إليهم ، بل قد يكون ذلك جالبا لملاحقات ومضايقات ، فهل لي أن أعطي لجمعيات الإغاثة ؟ مثلا يوجد جمعية تعنى بإرسال الأطباء ، واشتراء المعدات الطبية ، والناس هناك قد تكون حاجتهم إلى العلاج والطعام أكبر من حاجتهم إلى المال ، كما يوجد جمعيات تنفق على اليتامى ، ولا يخفاكم أن اليتامى لا يصلح أن يعطوا المال في أيديهم ، وكذلك يوجد جمعيات تضع صندوقا اسمه صندوق زكاة المال ، فهل أثق بهذه التسمية ؟ أم لا بد من التأكد من أن هذه الجمعيات تعطي المال نقدا في أيدي الفقراء ؟

ملخص الجواب

وعليه : فيجوز دفع الزكاة للجمعيات الإغاثية ، التي تتولى إيصالها إلى المتضررين والمنكوبين ، في أمثال هذه البلاد ؛ بشرط أن يكون القائمون على هذه الجميعات من الثقات المأمونين ، الذين يضعون الزكاة موضعها . والله أعلم.

الجواب

الحمد لله.



أولا:
ينبغي أن يتولى الإنسان بنفسه إخراج الزكاة ، وأن يتحرى بها المستحقين ، لا سيما إن كانوا من أقربائه ، فإن الصدقة على القريب صدقة وصلة .
ويجوز أن يعطيها للجمعيات الخيرية التي يقوم عليها مسلمون ثقات ، يتحرون إيصالها لأهلها.

وأما إعطاؤها لغير المسلمين ، أو لغير الثقات من المسلمين ، فلا يجوز؛ لعدم الثقة في إيصالهم لها للأصناف المعتبرة شرعا.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: هل يجوز دفع الزكاة للجمعيات الخيرية ؟
فأجاب: " إذا كان القائمون عليها ثقات مأمونين ، يقدمون الزكاة في مصرفها الشرعي : فلا بأس بدفع الزكاة إليهم ، لما في ذلك من التعاون على البر والتقوى" >
انتهى من " فتاوى الشيخ ابن باز " (14/254).

وعليه ، فإذا كانت جمعيات الإغاثة ، أو صندوق الزكاة ، يقوم عليه مسلمون ثقات ، يغلب على الظن أنهم يتحرون إيصال الزكاة لأهلها : جاز إعطاؤها لهم.

ثانيا:
يجب إخراج زكاة النقود نقودا، ولا يجوز إخراجها أشياء عينية ، كطعام أو أدوية أو ملابس، في قول جمهور الفقهاء.
وأجاز ذلك أبو حنيفة رحمه الله، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، وقيده بما إذا كان لحاجة أو مصلحة، كأن يكون الفقير سفيها مبذرا أو مجنونا أو يتيماً لا ولي له.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : "إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا مَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ : مَمْنُوعٌ مِنْهُ ...
وَلأَنَّهُ مَتَى جُوِّزَ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا ، فَقَدْ يَعْدِلُ الْمَالِكُ إلَى أَنْوَاعٍ رَدِيئَةٍ ، وَقَدْ يَقَعُ فِي التَّقْوِيمِ ضَرَرٌ .
وَلأَنَّ الزَّكَاةَ مَبْنَاهَا عَلَى الْمُوَاسَاةِ ، وَهَذَا مُعْتَبَرٌ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَجِنْسِهِ .
وَأَمَّا إخْرَاجُ الْقِيمَةِ لِلْحَاجَةِ أَوْ الْمَصْلَحَةِ أَوْ الْعَدْلِ : فَلا بَأْسَ بِهِ" .
انتهى " مجموع الفتاوى" ( 25/82 ).
وانظر: جواب السؤال رقم: (138684) .

لكن لا يجوز دفع الزكاة في شراء أجهزة طبية ؛ لأن شرط الزكاة تمليكها للمستحق ، وهذه الأجهزة لن يتملكها المريض ، ثم إنه ينتفع بها من يستحق الزكاة ، ومن لا يستحقها .

ثالثا:
الأصل إخراج الزكاة في بلد المال ، لكن إن دعت الحاجة إلى نقلها ، كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة ، أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء ، أو نحو ذلك : جاز النقل .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح قول الزاد: " والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده ولا يجوز نقلها إلى ما تقصر فيه الصلاة) :
قوله: والأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده وذلك لوجوه:
أولاً: أنه أيسر للمكلف؛ لأن في نقلها من بلد إلى آخر مشقة وكلفة.
ثانياً: أنه أكثر أماناً؛ لأن في السفر عرضة لتلفها.
ثالثاً: أن أهل البلد أقرب الناس إليك، والقريب له حق، الأقربون أولى بالمعروف.
رابعاً: أن فقراء بلدك تتعلق أطماعهم بما عندك من المال، بخلاف الأبعدين، فربما لا يعرفون عنك شيئاً.
خامساً: أنك إذا أعطيت أهل بلدك، يغرس بينك وبينهم بذرة المودة والمحبة، وهذا له أثر كبير للتعاون فيما بين أهل البلد "
إلى أن قال: " وقال بعض العلماء: يجوز نقلها إلى البلد البعيد والقريب للحاجة أو للمصلحة.
فالحاجة مثل ما لو كان البلد البعيد أهله أشدُّ فقراً.
والمصلحة مثل أن يكون لصاحب الزكاة أقارب فقراء في بلد بعيد ، يساوون فقراء بلده في الحاجة ، فإن دفعها إلى أقاربه حصلت المصلحة ، وهي صدقة وصلة رحم.
أو يكون ـ مثلاً ـ في بلد بعيد طلاب علم حاجتهم مساوية لحاجة فقراء بلده .
وهذا القول هو الصحيح وهو الذي عليه العمل ؛ لعموم الدليل: ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ) [التوبة: 60] أي: للفقراء والمساكين في كل مكان" .
انتهى من "الشرح الممتع "(6/72).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب