الحمد لله.
ما دام هذا الصنف خارجا عن نطاق عمل الشركة ، ومادمت قد أخبرت شركاءك بتفاصيل الصفقة ونسبة ربح الشركة من التوريد ، فلا حرج في ذلك، وغاية الأمر أنك أخفيت عنهم قيامك بهذا العمل ، وهذا لا يضر .
والمحذور هنا أمران:
الأول: أن تعمل لحسابك في صنف يدخل في نطاق عمل شركتك ؛ لما فيه من الإخلال بالشرط بينكم.
الثاني: أن تجري صفقة لنفسك مع شركتك ، دون علم الشركاء بهذه الصفقة ؛ لوجود التهمة ، فقد تحابي نفسك ، وتعطي الشركة نسبة قليلة من الربح ، ولهذا منع الفقهاء من بيع الوكيل لنفسه ، ولأنه لو أجريت الصفقة دون علمهم ، لكنت نائبا عن الشركة وهذا يقتضي الاستقصاء لها، وكنت في المقابل متعاملا معها ، وهذا يقتضي الاسترخاص لنفسك، والاستقصاء والاسترخاص متضادان لا يجتمعان، ولهذا يمنع الشريك من البيع لنفسه أو لشركة أخرى له فيها نصيب، إلا إذا علم شركاؤه بالصفقة ورضوا بها.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (5/68) : " وشراء الوكيل من نفسه غير جائز . وكذلك الوصي " .
وجملة ذلك : أن من وكل في بيع شيء ، لم يجز له أن يشتريه من نفسه ، في إحدى الروايتين [أي : عن الإمام أحمد] . وهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي . وكذلك الوصي ، لا يجوز أن يشتري من مال اليتيم شيئا لنفسه ، في إحدى الروايتين . وهو مذهب الشافعي .
وحكي عن مالك ، والأوزاعي جواز ذلك فيهما .
والرواية الثانية عن أحمد : يجوز لهما أن يشتريا بشرطين ; أحدهما : أن يزيدا على مبلغ ثمنه في النداء . والثاني ، أن يتولى النداء غيره " انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف" (5/377) : " فائدتان : إحداهما : وكذا الحكم في شراء الوكيل من نفسه للموكّل .
وكذا الحاكم وأمينه والوصي وناظر الوقف، والمضارب كالوكيل " انتهى .
وإذا كنت في المستقبل ستظهر اسمك ودورك في الصفقة ، فلا حرج، وهذا أفضل ، من غير شك ، وأبعد لك عن أن يظن بك شركاؤك شيئا .
على أننا ننصح الشركاء وغيرهم من المتعاملين مع بعضهم البعض : أن تتسم معاملاتهم بالصدق والبيان والوضوح ، تجنبا لحصول الخلافات والنزاعات بينهم ، ولأن ذلك أبعد عن التهمة ، وتحصيلا للبركة التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم عن البائع والمشتري : ( فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما ) رواه البخاري (2079) ، ومسلم (1532) .
والله أعلم.
تعليق