السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم العمل في شركة تمويل لشراء السيارات من معارضها ومن غيرها بفائدة من أصل المبلغ

249120

تاريخ النشر : 18-11-2016

المشاهدات : 22720

السؤال


أعمل في إحدى شركات الاتصالات في وظيفة أخصائي تطوير وتسويق ، ومعروض علي أن أعمل في شركة للتمويل المالي ، وتعمل الشركة في تمويل السيارات من المعارض الخاصة بها علي فترة زمنية بفوائد ، وعلى كروت تقسيط للشراء من أي مكان بفائدة 1.5% شهريا من أصل المبلغ علي 24 شهرا ، الوظيفة ستكون في التطوير ، أيضا ووضع أسس التعامل بداية من الفكرة إلي أن يتم التطبيق ، وسوف أخضع لوضع فوائد في الحسبان ، فهل هناك شبهة أو حرمة في قبول العمل ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:
إذا كانت الشركة تملك سيارات ، ولها معارض خاصة بها ، وتبيع بالتقسيط بسعر يزيد على الكاش بنسبة معينة، كأن تكون السيارة بمائة ألف، فإذا بيعت بالتقسيط كانت بمائة وخمسين ألفا، بمعدل 10% ربح أو فائدة كل سنة، فهذا لا حرج فيه.
ويشترط في بيع التقسيط أن يتم الاتفاق الجازم على التقسيط ، وألا يكون هناك مجال لزيادة الدين، ولو تأخر الزبون في السداد ، فلا يجوز فرض غرامة عليه ، ولا تحويله إلى شريحة تقسيطية أخرى.
ولا يجوز أن ينص على الفائدة مستقلة عن ثمن السيارة ، كأن يقال: الثمن مائة، والفائدة خمسون، وإنما تندرج الفائدة ضمن الثمن، فيقال: الثمن مائة وخمسون مقسطة على كذا شهرا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط: " إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17 - 23 شعبان 1410 هـ الموافق 14 - 20 آذار (مارس) 1990م،
بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع البيع بالتقسيط، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله،
قرر ما يلي:
أولاً: تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل.
فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً.
ثانياً: لا يجوز شرعاً، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة أم ربطاها بالفائدة السائدة.
ثالثاً: إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد ، فلا يجوز إلزامه أيَّ زيادة على الدين ، بشرط سابق ، أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم.
رابعاً: يحرم على المدين المليء أن يماطل في أداء ما حل من الأقساط، ومع ذلك لا يجوز شرعاً اشتراط التعويض في حالة التأخر عن الأداء.
خامساً: يجوز شرعاً أن يشترط البائع بالأجل حلول الأقساط قبل مواعيدها، عند تأخر المدين عن أداء بعضها، ما دام المدين قد رضي بهذا الشرط عند التعاقد.
سادساً: لا حق للبائع في الاحتفاظ بملكية المبيع بعد البيع، ولكن يجوز للبائع أن يشترط على المشتري رهن المبيع عنده ، لضمان حقه في استيفاء الأقساط المؤجلة" .
انتهى من " مجلة المجمع "(عدد 6، ج1 ص 453).

ثانيا:
إذا كانت السيارات في معارض أخرى، فإن قيام الشركة بالتمويل أو ما عبرت عنه بقولك: " كروت تقسيط للشراء من أي مكان بفائدة 1.5% شهريا من أصل المبلغ علي 24 شهرا"
يحتمل أمرين:
الأول: أن تقوم الشركة بشراء السيارة التي يرغب فيها الزبون، ثم بيعها عليه بربح معين، بعد قبضها وإخراجها من المعرض.
وهذا يسمى بيع المرابحة للآمر بالشراء، ولا حرج فيه إذا توفرت الشروط الآتية:
الأول : أن تقوم الشركة بشراء السيارة لنفسها شراءً حقيقياً .
الثاني : أن تقبض السيارة قبضاً حقيقياً قبل بيعها على العميل ، وقبضُ كل شيء بحسبه ، فقبض السيارة مثلا يكون بنقلها من محلها ، وقبض الدار بتخليتها واستلام مفاتيحها ، وهكذا ، والمقصود أن تكون السلعة قد دخلت تحت مسئولية الشركة وضمانها .
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : (فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ) رواه أحمد (15399) وصححه الألباني.
ثم بعد ذلك تبيعها للعميل بالسعر الذي يتفقان عليه ، سواء كان مساوياً لسعرها في السوق أو أكثر منه .
الثالث : ألا تشترط غرامة على التأخر في سداد الأقساط ؛ لأن ذلك من الربا الصريح.
فإذا توفرت هذه الشرط جاز التمويل، وإلا فلا.

الاحتمال الثاني: أن تقوم الشركة بإعطاء المال للزبون، أو دفع الثمن نيابة عنه، مقابل فائدة (1.5%) شهريا من أصل المبلغ، دون أن تشتري السيارة لنفسها، ودون أن تبيعها بعد ذلك للزبون، فهذا قرض ربوي محرم. فتقرضه مائة مثلا، لتستردها مائة وخمسين مقسطة، وهذا من ربا الجاهلية.
وقد أجمع العلماء على أن كل قرض شرط فيه الزيادة فهو ربا، وتسميته تمويلا أو تجارة أو غير ذلك، لا يؤثر، فالعبرة بالحقائق والمعاني، لا بالألفاظ والمباني.
قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل قرض شرط فيه أن يزيده : فهو حرام بغير خلاف.
قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المُسلف إذا شرط على المستلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة" انتهى من "المغني" (6/ 436).
وانظر للفائدة: سؤال رقم : (36408) ، ورقم : (191059) .

ثالثا:
عملك في الشركة ينبني على ما تقدم ، فإن كانت معاملاتها التي ستشرف على تطبيقها وتطويرها مباحة، جاز العمل. وإن كانت محرمة : لم يجز؛ لما فيه من المشاركة والمعاونة على الإثم والمعصية، وقد قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .
وقد " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : (هُمْ سَوَاءٌ)" رواه مسلم (1598).
فدل على إثم من أعان على الربا.
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب