الحمد لله.
هذه المعاملة المالية التي كانت بينكما تسمى في الفقه بـالمضاربة ؛ وهي : " دفع المال لمن يتجر به بجزء مشاع معلوم من الربح " انتهى من "الشرح الممتع" (9 / 310) .
ومن أهم شروط المضاربة التي لم تتوفر في معاملتكما ؛ هو أن يكون نصيب ربح كل من صاحب المال والعامل معلوما ، لكن يكون تحديده بجزء مشاع (أي : نسبة) من الربح كالنصف أو الثلث أو الربع ونحو ذلك .
فإن اشترط أحدهما ، أو كلاهما ، قدرا محددا من المال ، أو نسبة معينة من "رأس المال" ، وليس من الربح : كانت المضاربة فاسدة ، بسبب هذا الشرط .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
" قال: ( ولا يجوز أن يجعل لأحد من الشركاء فضل دراهم ) وجملته أنه متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة ، أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم ، بطلت الشركة .
قال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة . " انتهى من "المغني" (7 / 145 - 146) .
وفي المنع من ذلك الشرط
الفاسد ، مصلحة الشريكين ، جميعا ، ومراعاة للعدل بينهما .
قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :
" وإنما لم يصح ذلك لمعنيين : أحدهما ، أنه إذا شرط دراهم معلومة ، احتمل أن لا
يربح غيرها ، فيحصل على جميع الربح ، واحتمل أن لا يربحها ، فيأخذ من رأس المال
جزءا .
وقد يربح كثيرا ، فيستضر من شرطت له الدراهم ...
ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة ، ربما توانى في طلب الربح ؛ لعدم فائدته
فيه وحصول نفعه لغيره ، بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح " انتهى من "المغني" (7 /
146) .
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :
" باب المشاركة التي يكون العامل فيها شريك المالك هذا بماله ، وهذا بعمله ، وما
رزق الله فهو بينهما ، وهذا عند طائفة من أصحابنا أولى بالجواز من الإجارة ... فإن
الشريكين في الفوز وعدمه على السواء ، إن رزق الله الفائدة كانت بينهما ، وإن منعها
استويا في الحرمان ، وهذا غاية العدل " انتهى من "إعلام الموقعين" (5 / 417) .
وبناء على ما تقرر من فساد
هذه الصيغة في عقد المضاربة بينكما ، فإن الاتفاق السابق بينكما يكون لاغيا ،
وتسترد رأس مالك ، ثم يتم تحديد نسبة الريح التي تستحقها ، بناء على ما جرى به
العمل في السوق في مثل هذه التجارة ، وهذا المبلغ الذي دفعته (رأس المال) ، ويحكم
بذلك أهل الخبرة والأمانة.
ويتم توزيع الأرباح بينك وبين ورثة خالك بناء على هذه النسبة الجديدة ، وذلك بعد
حصر الأرباح .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة : رِبْح المثل لا أجرة المثل ، فيعطى العامل
ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح : إما نصفه وإما ثلثه وإما ثلثاه " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (20 / 509) .
والظاهر أنك لن تستطيع فعل ذلك ، بسبب وفاة خالك ، فلن تستطيع حصر الأرباح ، ولا إلزام ورثة خالك بهذا الاتفاق الجديد .
فالذي ننصحك به أن تقبل ما أعطوك من المال ، ولا داعي للدخول في نزاعات وخصومات لن تجني من ورائها إلا ضيق النفس والتوتر وقطع الرحم .
وأهم من ذلك كله : أن عليك
أن تتوب إلى الله تعالى وتستغفره من الدخول في مشاركة محرمة ، وتعزم على أنك لن
تعود لمثل هذا مرة أخرى .
والله أعلم .
تعليق