الحمد لله.
أولا :
جاء في الموسوعة الحرة " ويكيبيديا " أن السمندر ويسمى أيضا السلمندر : شبيهة بالوزغ ، معظمها يعيش في المياه طوال حياته ، وبعضها ينتقل للمياه بشكل متقطع ، والبعض الآخر يكون بريًّا تماما عند البلوغ .
وما أوردوه له من صور يبين أنه لا يدخل في حد الوزغ المأمور بقتله . فليس كل ما قارب الوزغ في الشبه ، كالسحالي ونحوها ، يعد منه ، ولا له حكمه ؛ فالوزغة مضرة خبيثة الطبع ، بخلاف كثير من السحالي التي تشبهها .
جاء في "الموسوعة العربية العالمية" : " السّمَنْدَرُ حيوان ضعيف غير ضار يشبه السحالي، وهو نوع من الزواحف " . انتهى .
فإذا لم يكن "السمندر" من الوزغ ، في أصل خلقته ، ولا هو يشببه في ضرره ، وخبث طبعه : فإنه لا يأخذ حكمه .
قال الدميري في "العِظَاءة" ، وهي سحلية تشبه الوزغ :
" هي دويبة ملساء تعدو وتتردّد كثيراً ، تشبه سام أبرص إلا أنها أحسن منه ، ولا تؤذي ، وتسمى شحمة الأرض ، وشحمة الرمل ، وهي أنواع كثيرة ، منها الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر وكلها منقطة بالسواد ، وهذه الألوان بحسب مساكنها ، فإن منها ما يسكن الرمال ، ومنها ما يسكن قريباً من الماء والعشب ، ومنها ما يألف الناس " انتهى من " حياة الحيوان " (2/167) .
وقال التوربشتي الحنفي :
" الوزغ: الدويبة التي يقال لها: سام أبرص، والجمع وزغان ، وقيل: سمي وزغا لخفته وسرعة حركته .." انتهى من " الميسر في شرح مصابيح السنة " (3/944).
ولذلك فإن بنات الرمل وتسمى اللحكاء والعظاءة ونحوهما – مع شبههما بالوزغ – إلا أنها ليست مثلها ، ولذلك لا يسن قتلها ، وقد كانت موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يرد أمر بقتلها ، ولذلك قرر جمع من أهل العلم استحباب تركها لأنها غير مضرة .
قال الدميري الشافعي :
" وقال الأصحاب: ما لا يظهر فيه ضر ولا نفع، كالخنافس والدود والجعلان والسرطان والبغاث والرخمة والعظاءة والسلحفاة والذباب وأشباهها، يكره قتلها للمحرم وغيره .
هكذا قطع به الجمهور [ يعني : جمهور الشافعية ]...
وقد ثبت في صحيح مسلم عن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال ( إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ) وليس من الإحسان قتلها عبثا " انتهى من " حياة الحيوان " (1/430) .
ثانيا :
لعل السائل لم يعلم بإخبار الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم عن الوزغ بأنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام .
فقد ثبت في صحيح البخاري (3359 ) عَنْ أُمِّ شَرِيكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَالَ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام" .
قال أبو عمر بن عبد البر : " أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْفَأْرَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ، وَقَتْلِ الْعَقْرَبِ والوزغ " انتهى من " الاستذكار " (4/156) .
وقال أبو بكر ابن العربي رحمه الله :
" مسائل :
(الأولى) : الحيوان على ضربين : مؤذ ، وغير مؤذ .
فالمؤذي : يقتل . ومالا يؤذي : لا يقتل .
والوزغ مؤذ في الأصل لنفخه على نبي الله ؛ فدل على أن الإذاية جبلة له .
وله إذاية في الأطعمة ، بتقذيرها وإفسادها ، وقتل آكلها اذا وقعت فيه ؛ فوجب قتلها ، وقتل ما كان مثلها .
(الثانية) مالم يكن مؤذيا من الحيوان ولم يؤذن في قتله على ما يأتي تفضيله " انتهى، من "عارضة الأحوذي" (6/276) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين: " رَغَّبَ الرسول صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغ و (بأن أن الذي يقتله من أول مرة يكون له مائة حسنة) ما حكم قتل الوزغ وما حكم قتل الضفادع؟
فأجاب رحمه الله تعالى: " أما قتل الوزغ ، فإنه سنة ، وفيه أجر عظيم قد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أنه كان ينفخ النار على إبراهيم حين ألقي فيها) .
ثم إن فيه مضرة ، وأذى ، وأصواتا قبيحة مكروهة .
وأما الضفادع فلا تقتل إلا إذا آذت فإن آذت فلا بأس بقتلها ، لأن كل مؤذٍ يقتل كما قال الفقهاء رحمهم الله يسن قتل كل مؤذٍ. " . انتهى ، من "فتاوى نور على الدرب" .
والخلاصة :
أن هذه الدويبة – ليست من الوزغ - وإذا ثبت ضررها فإنها تقتل ؛ لا لأنها من الوزغ ، لكن لقطع إيذائها ، وإذا لم يثبت ضررها ، فيكره قتلها كبقية الحيوانات التي لا ضرر منها .
وينظر جواب السؤال (173270) .
والله أعلم .
تعليق