الحمد لله.
أولا:
إذا كان صديقك يعمل في مجال بيع خطوط الهاتف وكروت الشحن، وأردت استثمار مالك معه، فإن ذلك يكون وفق عقد المضاربة، أو عقد الشركة.
فإن كان المال منك وحدك، والعمل منه، فهذا عقد مضاربة.
وإن كان المال منك، ويشارك هو أيضا بماله وعمله، فهذا من شركة "العِنان".
ويشترط في الحالتين ما يلي:
1-الاتفاق على نسبة معلومة من الربح، كأن يكون لك 60% مثلا، وله 40% من الأرباح، لا من رأس المال.
2-عدم اشتراط ضمان رأس المال، بل هو أمانة عند صاحبك، فلا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، كأن يخالف شرط الشركة، أو يتجر في غير ما اتفقتما عليه.
3- في حال الخسارة، وكان العقد مضاربة، فإن العامل يخسر عمله، وصاحب المال يخسر ماله.
وفي حال الشركة: فإن الخسارة تكون على قدر نسبة كل شريك منكما في رأس المال.
4-يلزم أن يكون رأس المال نقدا، حقيقة أو حكما، فإن كان لصاحبك خطوط وكروت وأراد المشاركة بها، فإنه يلزم تقويمها، لمعرفة رأس ماله الذي شارك به.
5-يجوز الاتفاق على مدة للمضاربة أو الشركة، كسنة مثلا، ويجوز حينئذ أن تأخذ مبلغا أسبوعيا أو شهريا –تحت الحساب- ثم في نهاية السنة يحتسب ذلك من الربح، فيكون لك أو عليك.
جاء في "المعايير الشرعية" ص 225: " ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب. ويُراجع ما دُفع مقدما تحت الحساب عند التنضيد الحقيقي أو الحكمي " انتهى.
ويجوز أن تكون المضاربة أو الشركة أسبوعية أو شهرية، فكلما انتهت صفقة انتهت الشركة، ثم تتجدد بعد معرفة رأس مال كل منكما، وهكذا.
6-ما يأخذه صاحبك من الشركة كعمولة بسبب تفعيل وشحن الشرائح، يضاف إلى الأرباح، وتقسم الأرباح بينكما بحسب النسبة المتفق عليها عند العقد. ولا يجوز أن يختص هو بهذه العمولة، لأنه يجب في المضاربة والشركة أن يشترك أطرافها في كل ما يعتبر ربحا، ولا يجوز كل ما يقطع أو يمنع الاشتراك في شيء من الربح.
قال ابن قدامة رحمه الله: " متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة ، أو جعل مع نصيبه دراهم ، مثل أن يشترط لنفسه جزءا وعشرة دراهم ، بطلت الشركة. قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض (المضاربة) إذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة، وممن حفظنا ذلك عنه مالك والأوزاعي والشافعي ، وأبو ثور وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (5/ 23).
وجاء في المعايير الشرعية، ص198 : " لا يجوز أن تشتمل شروط الشركة، أو أسس توزيع أرباحها: على أي نص، أو شرط، يؤدي إلى احتمال قطع الاشتراك في الربح، فإن وقع كان العقد باطلاً.
لا يجوز أن يشترط لأحد الشركاء مبلغ محدد من الربح، أو نسبة من رأس المال" انتهى.
ثانيا:
اتفاقك مع أصحابك على استثمار أموالهم عند صديقك المذكور، مقابل نسبة لك من الربح، لا حرج فيه، وهو من باب الأجرة على السمسرة والدلالة، والعمل الذي ستقوم به من أخذ الأموال وإيصالها، وحساب الربح واستلامه، ومتابعة المضارب وغير ذلك.
والراجح جواز أن تكون الأجرة نسبة، وهذه النسبة ليس لها حد معين، وإنما مدارها على التراضي بينكم، فيجوز أن يكون لهم 50% من الربح، ولصاحبك المضارب 50%، ثم تأخذ منهم 5% مثلا.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 131): " يجوز للدلال أخذ أجرة بنسبة معلومة من الثمن الذي تستقر عليه السلعة مقابل الدلالة عليها، ويستحصلها من البائع أو المشتري، حسب الاتفاق، من غير إجحاف ولا ضرر " انتهى.
ولو رأيتم أن تكون أجرتك : مبلغا محددا ، مقابل هذه الوساطة ، ونيابتك عن أصحاب المال : في التعامل مع المضارب ، ونحو ذلك : فهو أحسن ، خروجا من خلاف من منع أن تكون أجرة السمسار ، أو الوكيل ، نسبة من الربح .
والله أعلم.
تعليق