الحمد لله.
تعظيم المصحف وحفظه من القاذورات واجب محتم .
قال الله تعالى: ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج (32).
وقال الله تعالى : ( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ ) الحج (30).
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله تعالى:
" والحرمات امتثال الأَمر من فرائض وسنن، ومما فرضه احترام كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
والشعائر كل شيء لله تعالى فيه أَمر، أَشعر به، وأَعلم، ومن ذلك كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم " انتهى. " فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم" (2 / 32).
والحفاظ على طهارة أوراق المصحف وصيانتها من أي قاذورات، هو نوع من تعظيم القرآن، وهو مما أجمع أهل العلم على وجوبه .
قال النووي رحمه الله تعالى:
" أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه.
قال أصحابنا وغيرهم: ولو ألقاه مسلم في القاذورة والعياذ بالله تعالى : صار الملقِي كافرا.
قالوا: ويحرم توسده ، بل توسد آحاد كتب العلم حرام " انتهى. " التبيان في آداب حملة القرآن" (ص 190 - 191).
وعلى هذا تجب المبادرة إلى تطهير المصحف إذا اصيب بنجاسة أو شيئ من القاذورات.
ثانيا:
ما يفسد بغسله ، كالورق ونحوه ، لا يشترط غسله لإزاله النجاسة ، بل تزال النجاسة منه ، بما يمكن ، من غير إفساد له ، كأن يمسح بمنديل ، أو يعرض للهواء ، أو يجفف في الشمس ، أو نحو ذلك ، مما يمكن إزالة النجاسة به ، من غير إتلاف للمصحف ، ولا إفساد لورقه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" ولو كانت النجاسة على ما يضره الغسل ، كثياب الحرير ، والورق ، وغير ذلك : مُسِحَت ، ولا يحتاج إلى غسل ، في أظهر قولي العلماء .
وأصل ذلك : أن للعلماء في إزالة النجاسة بغير الماء ، ثلاثة أقوال ، في مذهب الإمام أحمد وغيره . :
قيل : يجوز بكل مزيل ، كقول أبي حنيفة ، وهو الأقوى .
وقيل : لا يجوز إلا بالماء ، كقول الشافعي .
وقيل : يجوز عند الحاجة . كقول مالك . " انتهى، من "جامع المسائل" (9/313-314) .
وقال أيضا :
" فالراجح في هذه المسألة : أن النجاسة متى زالت ، بأي وجه كان : زال حكمها ؛ فإن الحكم إذا ثبت بعلة ، زال بزوالها ..." انتهى ، من "مجموع الفتاوى" (21/475) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" والصَّواب: أنَّه إِذا زالت النَّجاسة بأي مزيل كان : طَهُر محلُّها؛ لأنَّ النَّجاسة عينٌ خبيثة، فإذا زالت زال حكمها، فليست وصفاً كالحدث ، لا يُزال إِلا بما جاء به الشَّرع .
وقد قال الفقهاء رحمهم الله: إذا زال تغيُّر الماء النَّجس الكثير بنفسه صار طَهُوراً ، وإِذا تخلَّلت الخمر بنفسها صارت طاهرة ، وهذه طهارة بغير الماء.
وأما ذِكْرُ الماء في التَّطهير في الأدلة السَّابقة : فلا يدلُّ تعيينُه على تعيُّنِهِ؛ [ بل ] لأن تعيينَه لكونه أسرعَ في الإِزالة، وأيسرَ على المكلَّف." انتهى، من "الشرح الممتع" (1/30) .
والله أعلم.
تعليق