الحمد لله.
أولا:
المطلقة طلاقا بائنا لا نفقة لها، ولا سكنى؛ إلا أن تكون حاملا ، ودليل ذلك :
ما رواه مسلم (1480) عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا ، فَقَالَتْ : طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ ، فَقَالَتْ : فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ ، قَالَتْ : فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ .
وفي رواية لمسلم أيضا : قَالَتْ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ( لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى) . وفي رواية لأبي داود : ( لَا نَفَقَةَ لَكِ ، إِلَّا أَنْ تَكُونِي حَامِلًا ) .
ثانيا:
المتعة لا تجب إلا للمطلقة قبل الدخول، التي لم يحدد لها مهر عند العقد؛ لقوله تعالى : ( لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/236 .
فإن كان الطلاق بعد الدخول ، لم تجب لها المتعة عند جمهور الفقهاء ، لكن : يستحب له أن يعطيها المتعة ، بحسب حاله ، وما يقدر عليه .
وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم (126281 ) .
ثالثا:
إذا طلقها الطلقة الأولى أو الثانية، ولم يرجعها حتى انقضت العدة، وبانت بذلك، فإن لها النفقة أثناء العدة.
وأما إن طلقها طلاقا بائنا كالثالثة، فلا نفقة لها ولا سكنى، كما سبق في حديث فاطمة بنت قيس.
رابعا:
إذا كانت المطلقة هي الحاضنة، فقد اختلف الفقهاء في سكنها هي: هل يلزم الأب ( والد المحضون )، أم يلزمها ويلزم من ينفق عليها، أم يكون مشتركا، يدفع أجرته الزوج والمطلقة، حسب اجتهاد الحاكم، أم : إن كان لها سكن، اكتفت به، وإن لم يكن لها سكن لزم الأب إسكانها؟
وهذا القول الأخير قول حسن ، ينظر السؤال رقم (220081 ) .
وينظر : حاشية ابن عابدين (3/ 562)، شرح الخرشي (4/ 218) ، الموسوعة الفقهية (17/ 313)
وإذا كان الأب ملزما بتوفير مسكن لأولاده –كما سيأتي- ، فإن للمطلقة أن تشترط سكنها معهم ما دامت حاضنة، ولا يلزمها السكن مع أهلها، أو استئجار مسكن لها .
ولهما أن يصطلحا على بقائها في بيت أهلها ، أو في بيت خاص بها .
خامسا:
إن كانت المطلقة هي الحاضنة لأولاده، فلها المطالبة بأجر للحضانة، ولو مع وجود متبرعة بالحضانة، وهذا مذهب الحنابلة.
قال في منتهى الإرادات : " وأمٌّ أولى ، ولو بأجرة مثلها ، كرضاع " انظر : "شرح منتهى الإرادات" (3/249).
ومذهب المالكية: أنه لا أجرة على الحضانة .
وللحنفية والشافعية تفصيل في المسألة . وينظر : "الموسوعة الفقهية" (17/311).
خامسا:
يلزم الزوج النفقة على أولاده، ومن ذلك المسكن والمأكل والمشرب والملبس ومصاريف الدراسة والعلاج، وكل ما يحتاجون إليه .
وتقدر بالمعروف، ويراعى فيها حال الزوج؛ لقوله تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الطلاق/7 .
وهذا يختلف من بلد لآخر ، ومن شخص لآخر.
وما احتاج إلى صيانة من أجهزة يستعملونها :
فإن كان مبلغ النفقة يتسع لذلك، مع ما يحتاجونه لأكلهم وشربهم إلخ : فإن الصيانة تكون منه.
وإن كان مبلغ النفقة لا يتسع لذلك، وهم بحاجة لهذه الأجهزة: فإن صيانتها تكون في مال الأب؛ لأنها داخلة في النفقة.
والله أعلم.
تعليق