الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

نذر الزيادة على مال الزكاة فهل تكون زكاة وهل يجوز أن ينويها صدقة لوالده المتوفى ؟

275881

تاريخ النشر : 22-04-2018

المشاهدات : 3948

السؤال

لقد نذرت منذ فترة إن أنعم الله علي بوظيفة معينة سوف أتصدق بضعف القيمة المكتوبة أي 5 من ألف بدلا عن الاثنين والنصف ، وأنا ملتزم بهذا ، وأنا الآن قد تركت تلك الوظيفة ، فهل علي وزر إن تركت هذا النذر ، مع العلم إنني قد نذرته مدى الحياة ؟ وهل الزائد عن القيمة المكتوبة يعتبر صدقة أم زكاة ؟ وهل يجوز أن أنويها صدقة عن والدي المتوفى ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

نذر الصدقة يجب الوفاء به ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلا يَعْصِهِ) رواه البخاري (6202).

لكن هذا النذر المعلق على شرط : لا يأتي بشيء لم يقدره الله عز وجل ، وإنما يستخرج به من البخيل ؛ ولذلك : نُهِي عنه ، ويُكره الدخول فيه ابتداء .

لكن ، من دخل فيه ، ونذر على نفسه شيئا من ذلك : وجب عليه الوفاء به .

وانظر جواب السؤال رقم : (36800) ، (95387) ، (132579) .

ثانيا:

النذر مبناه على النية. قال الخرشي في "شرح مختصر خليل" (3/ 93):

"وينظر في النذر ، كاليمين ، إلى النية ، ثم العرف ، ثم اللفظ" انتهى.

فإن كنت نويت أن تفعل ذلك مدى الحياة ، سواء بقيت في وظيفتك ، أو تركتها : لزمك الوفاء.

وإن كنت نويت ذلك حال بقاء الوظيفة، لم يلزمك شيء بعد تركها.

وإن لم تدر نيتك، رجع إلى السبب الحامل على النذر ، فإن كان هو الحصول على هذه الوظيفة المعينة، لم يلزمك شيء بعد تركها.

وينظر في العمل بسبب النذر: جواب السؤال رقم : (277533) .

وإذا كان الاستمرار في الوفاء واجبا، وعجزت عنه عجزا تاما، أجزأك أن تكفر كفارة يمين، وينحل نذرك؛ لحديث ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَا يُطِيقُهُ ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ بِهِ) رواه أبو داود (3322).

قال الحافظ في الفتح: "رواه ثقات، لكن أخرجه ابن أبي شيبة موقوفا وهو أشبه".

قال ابن قدامة في "المغني" (10/ 72): "وجملته أن من نذر طاعة لا يطيقها ، أو كان قادرا عليها فعجز عنها : فعليه كفارة يمين" انتهى.

ثالثا:

ما أخرجته زائدا عن قدر الزكاة ، يعتبر صدقة ، لا زكاة .

قال ابن رجب رحمه الله في "القواعد"، ص5: "(القاعدة الثالثة) : من وجبت عليه عبادة ، فأتى بما لو اقتصر على ما دونه لأجزأه : هل يوصف الكل بالوجوب ، أو قدر الإجزاء منه؟

إن كانت الزيادة متميزة منفصلة : فلا إشكال في أنها نفل ، بانفرادها ؛ كإخراج صاعين منفردين في الفُطرة ، ونحوها" انتهى.

فالزيادة هنا صدقة ، وتطوع، لكن يجب عليك إخراجها ، لأجل النذر الذي نذرته .

ولا يجوز أن تنوي بهذه الزيادة : زكاة عن العام القابل؛ لما في ذلك من عدم الوفاء بالنذر.

رابعا:

لا يجوز أن تنوي هذه الزيادة صدقة عن والدك المتوفى، بل تنويها وفاء بالنذر الواجب.

قال ابن القيم رحمه الله:

" ووجه هذا أن الثواب ملك له فله أن يهديه جميعه، وله أن يهدي بعضه، يوضحه أنه لو أهداه إلى أربعة مثلا يحصل لكل منهم ربعه، فإذا أهدى الربع وأبقى لنفسه الباقي جاز، كما لو أهداه إلى غيره " انتهى من "الروح" ص 132

ومع أن في تفاصيل العبادات التي يجوز إهداؤها للميت ، وينتفع بذلك : خلافا معتبرا بين أهل العلم ؛ إلا أن الصدقة عن الميت : تنفعه ، بلا خلاف بين أهل العلم .

والظاهر : أن هبة ثوابها : هي من ذلك أيضا ، حتى وإن كان نوى بها العمل عن نفسه ، وأنه لا فرق في ذلك بين نية العمل عن الميت ، أو عمل العامل عن نفسه ، ونية إهداء ثوابه للميت أو للغير .

وينظر : جواب السؤال رقم : (42384) ، ورقم : (103966) .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب