الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

حفظ القرآن من غير ضبط للحركات .

279024

تاريخ النشر : 11-11-2017

المشاهدات : 69630

السؤال

هل يجوز حفظ القرآن من دون الحركات ؛ لأنني أريد أن أحفظ سور من كتاب الله الحكيم ، ولكنني أحفظ الآيات ، ولكن أخطأ في الحركات ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

نشكر لك حرصك على حفظ سور من القرآن الكريم ، والذي ننصحك به أن تكثر من ذلك ما استطعت حتى تختم القرآن الكريم كله ، فإن ذلك من خير الأعمال وأفضل الطاعات ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري .

وحتى تتجنب الخطأ في تلاوة القرآن الكريم فإنه ينبغي أن تحفظ القرآن مع أحد المشايخ أو طلبة العلم الذين سبقوك إلى إتقان تلاوة القرآن الكريم ، فتلك خير وسيلة لتعلم التلاوة الصحيحة .

فإن لم يمكن ذلك ، بأن لم تجد أحداً أو لغير ذلك من الأسباب فقد يسر الله ذلك بأجهزة الكمبيوتر والهواتف الآن ، فتسمع المقطع الذي تريد حفظه من أحد مشايخ القراءة الكبار كالحصري أو المنشاوي أو عبد الباسط تسمعه عدة مرات ، ثم بعد ذلك تحفظه .

والأفضل للمبتدئ أن يعتمد على المصحف المعلم للشيخ الحصري رحمه الله .

ثانيا :

الواجب على من أراد أن يقرأ القرآن الكريم أو يحفظه أن يقرأه قراءةً صحيحة بحروفه وحركاته ، فلا يجوز له أن يبدل حرفا مكان حرف ، ولا حركة مكان أخرى ، لأن في هذا الإبدال تحريفا لكلام الله تعالى .

والذي يخطئ في قراءة كلام الله تعالى إما أن يكون مقصرًا متهاونا ، بأن يكون في إمكانه أن يتعلم القراءة الصحيحة ، أو يقرأ القراءة الصحيحة ولكنه يهمل ولا يهتم بذلك ، ويستمر على خطئه ، فهذا آثم .

وإما أن يكون غير مقصر ، كأن يكون أعجميا ، لا يستقيم لسانه ، أو يكون مبتدئا في تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، أو ليس عنده من يعلمه .. ونحو ذلك من الأعذار .. فهذا لا حرج عليه ، بل له أجران ، أجر على تلاوته ، وأجر على المشقة التي تصيبه.

وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم من يقرأ القرآن وهو يخطئ في التشكيل ؟ هل يؤجر على ذلك ؟

فأجاب : " يشرع للمؤمن أن يجتهد في القراءة ويتحرى الصواب ، ويقرأ على من هو أعلم منه حتى يستفيد ويستدرك أخطاءه ، وهو مأجور ومثاب وله أجره مرتين إذا اجتهد وتحرى الحق ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الماهر في القرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجره مرتين ) متفق على صحته عن عائشة رضي الله عنها ، وهذا لفظ مسلم " انتهى، من "مجموع فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز" (9/416).

وسئل رحمه الله : ما رأي سماحتكم في رجل يقرأ القرآن الكريم وهو لا يحسن القراءة ، بسبب أنه لم يحصل على قسط وافر من التعليم ، وهو في قراءته يلحن لحنا جليا ، بحيث يتغير مع قراءته المعنى ، ويحتج بحديث عائشة رضي الله عنها : (الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به ) الحديث ؟

فأجاب : " عليه أن يجتهد ويحرص على أن يقرأه على من هو أعلم منه ، ولا يدع القراءة ؛ لأن التعلم يزيده خيرا ، والحديث المذكور حجة له ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتتعتع فيه له أجران ) رواه مسلم .

ومعنى يتتعتع : قلة العلم بالقراءة ، وهكذا قوله : وهو عليه شاق ، معناه قلة علمه بالقراءة ، فعليه أن يجتهد ويحرص على تعلم القراءة على من هو أعلم منه ، وفي ذلك فضل عظيم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ) خرجه البخاري في صحيحه ، فخيار المسلمين هم أهل القرآن تعلما وتعليما ، وعملا ودعوة وتوجيها .

والمقصود من العلم والتعلم هو العمل، وخير الناس من تعلم القرآن وعمل به وعلمه الناس، ويقول عليه الصلاة والسلام: ( اقرءوا هذا القرآن ؛ فإنه يأتي شفيعا لأصحابه يوم القيامة ) رواه مسلم في صحيحه . ويقول عليه الصلاة والسلام : ( القرآن حجة لك أو عليك ) ، خرجه مسلم أيضا في صحيحه ، والمعنى أنه حجة لك إن عملت به ، أو حجة عليك إن لم تعمل به " انتهى، من " مجموع فتاوى عبد العزيز بن باز " (7/186).

وسئلت اللجنة الدائمة في الفتوى رقم (9550) عن رجل يقرأ القرآن ويلحن فيه ، فأجابت :

إذا كان القارئ مبتدئا بحفظ القرآن ، ويعالج ضبطه فلا إثم عليه ، بل له أجر ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران رواه البخاري ومسلم " انتهى.

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل تجوز قراءة القرآن بدون معلم ، علما بأننا بحثنا في المدينة التي أسكن فيها ولم أجد من يعلمنا أحكام القرآن أو حفظ القرآن ؟

فأجاب رحمه الله تعالى : " إن من نعمة الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة ، ومن تمام حفظه لكتابه العزيز ، أن قيض للمسلمين هذه المصاحف التي كتب فيها القرآن وطبع على وجه معرب تمام الإعراب ، في الحركات والسكنات والمدات وغير ذلك ، وهذا داخل في قوله تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) .

فإذا كان الإنسان باستطاعته أن يقرأ القرآن من هذه الصحف المعربة المشكولة - ولو شق عليه ذلك ولو تتعتع فيه - فإنه يجوز له أن يفعل ، وإن لم يكن له قارئ يقرئه ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال : (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران) .

فأنت أخي السائل اقرأ القرآن وتهجه حرفا حرفا وكلمة كلمة ، مع إتقان الحركات والسكنات ، وهذا كافٍ ، وفيه خير عظيم ، ولك مع المشقة أجران ، كما قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - .

وأما قراءة القرآن على وجه التجويد المعروف فإن ذلك ليس بواجب ؛ لأن التجويد إنما يراد به تحسين القراءة فقط ، وليس أمرا واجبا حتما يأثم الإنسان بتركه ؛ بل الواجب الحتم أن يقيم الحركات والسكنات ويبرز الحروف " انتهى، من "فتاوى نور على الدرب" (5/2) بترقيم الشاملة.

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب