الحمد لله.
هذا التقسيم غير صحيح ، ولا أصل له ، وإنما هو خلط لكلام صحيح بآخر باطل ، مع مجازفات مردودة عقلا وشرعا .
وهو مردود حتى من الناحية المنطقية ، فلا يوجد فرق بين ما سماه "نوم المعذبين" و"نوم الملعونين" فكلاهما تارك لصلاة الصبح ، فكيف يكونان قسمين مع تماثلهما ؟!
والحاصل : أن هذا الفصل من الكلام فيه تكلف واضح ، وتزيد لا حاجة إليه .
والنوم في أصله مباح ، لكن إذا كان النائم يفرّط في صلاته ولا يأخذ بأسباب الاستيقاظ لها ، فهذا هو التفريط ، وفاعله متوعد بعذاب أليم .
قال النبي صلى الله عليه وسلم عن عذاب البرزخ الذي يقع على بعض مرتكبي الكبائر : (أَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ وَإِذَا آخَرُ قَائِمٌ عَلَيْهِ بِصَخْرَةٍ وَإِذَا هُوَ يَهْوِي بِالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ فَيَتَهَدْهَدُ الْحَجَرُ هَا هُنَا فَيَتْبَعُ الْحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ فَلَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ حَتَّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كَمَا كَانَ ثُمَّ يَعُودُ عَلَيْهِ فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَ مَا فَعَلَ الْمَرَّةَ الْأُولَى) .
فلما سأل الملكين عن ذلك قالا له :
( إنه الرَّجُلُ يَأْخُذُ الْقُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ، وَيَنَامُ عَنْ الصَّلاةِ الْمَكْتُوبَةِ ) رواه البخاري (7076) .
لكن من أخذ الأسباب المعينة على القيام للصلاة المكتوبة : فضبط المنبه على صلاة الفجر مثلا ، وبكّر في النوم ولم يسهر ، ثم لم يستيقظ ؛ فلا حرج عليه ؛ لأنه لم يفرّط ، ويقال له مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنه ليس في النوم تفريط ) .
وينظر جواب السؤال (65605) .
ومن الخطأ أن يقال : إن من ينام في مجالس الذكر يكتب من الغافلين ، هكذا بإطلاق ، فقد ينام لشدة تعب أو إجهاد أو نحوه .
وكذلك من الخلط والخطأ : القول بأن النوم ليلة الجمعة نوم حسرة ، ولا ننكر أن ليوم الجمعة من الخصائص والفضائل ما ليس لغيرها ، لكن من البدع تخصيص ليلة الجمعة على غيرها بالقيام وقد ثبت عن النبي صلي عليه وسلم النهي عن ذلك .
قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي ، وَلَا تَخُصُّوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ) رواه مسلم (1144) .
ومما كرهه السلف النوم بعد الفجر وبعد العصر ، ولم يصح دليل في النهي عن ذلك ، لكن كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه : أنهم إذا صلوا الفجر جلسوا في مصلاهم حتى تطلع الشمس .
وأما النوم بعد العصر فقد كرهه جماعة من السلف ، وخشوا عاقبته من الناحية الطبية .
قال ابن القيم : " رحمه الله في "زاد المعاد" (4/219) :
"ونوم النهار رديء يورث الأمراض الرطوبية والنوازل ، ويفسد اللون ويورث الطحال ويرخي العصب ، ويكسل ويضعف الشهوة ، إلا في الصيف وقت الهاجرة .
وأردؤه نوم أول النهار ، وأردأ منه النوم آخره بعد العصر .
ورأى عبد الله بن عباس ابنا له نائما نومة الصبحة ، فقال له : قم أتنام في الساعة التي تقسم فيها الأرزاق ؟
... قال بعض السلف : من نام بعد العصر فاختُلس عقله ، فلا يلومن إلا نفسه " انتهى .
وينظر جواب السؤال (99699) ، (2063) .
والله أعلم .
تعليق