الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

تمنحه الدولة 400 دولار مقابل 600 دينار ليبي لكن يتأخر قبض الدولار فهل يجوز ذلك وحكم سحب الدولار بالبطاقة والاتجار به في السوق السوداء؟

280276

تاريخ النشر : 02-02-2020

المشاهدات : 8136

السؤال

في مصارف ليبيا يتم منح المواطن قيمه 400 دولار للفرد مقابل دفع قيمه 600 دينار ليبي، أي أن الدولار سعره بالعملة الليبية في المصرف 1.40 دينار وأربعون قرش، وعليه نعد ملفات وإجراءات للحصول على القيمة عن طريق فيزا كارد، فتتم تحويل القيمة للحساب في البطاقة من المصرف، المشكلة أننا عندما ندفع القيمة للمصرف بالعملة الليبية للحصول على الدولار يتم تأخير منحنا الدولار أسبوعين أو شهر دون أن نعرف سبب هذا التعطيل، مع العلم إن الدولار في ليبيا جراء الحرب وصل في السوق السودة مقابل 8 دينار ليبيى، تم فيها استغلال المواطن من قبل تجار الأزمات، ويقومون بشراء إجراءات الحصول على الدولار ال 400 دولار من المواطن، ومنحه قيمة زهيدة مقابل تنازله عن هذه القيمة التي منحت له من قبل المصرف، فهل في هذا ربا ؟ والأمر الثاني : هل يصح بعد أن يملك المواطن القيمة بالدولار وتكون في حسابه بعد إتمام إجراءاته أن يبيع هذه القيمه 400 دولار لسوق السوده مقابل 8000 دينار ليبي، فهل هذه معاملة صحيحة، مع العلم إن السوق الآن محتكر من تجار السوق السوداء، والأسعار في تزايد، والمواطن لا سبيل له إلا بيعه الدولار بسعر السوق السوداء؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

يشترط لشراء العملات بعضها ببعض: حصول التقابض في المجلس، سواء كان قبضا حقيقيا أو حكميا؛ لأن العملات النقدية ملحقة بالذهب والفضة في قول جماهير العلماء المعاصرين، وقد روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ .

والقبض الحقيقي: أن يتم تبادل المالين يدا بيد.

والقبض الحكمي يحصل بصور ، منها: الإيداع في الحساب، والحصول على شيك مصرفي بالعملة الأخرى.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن "القبض" ما يلي:

" أولاً: قبض الأموال كما يكون حسياً في حالة الأخذ باليد، أو الكيل أو الوزن في الطعام، أو النقل والتحويل إلى حوزة القابض، يتحقق اعتباراً وحكماً بالتخلية ، مع التمكين من التصرف ، ولو لم يوجد القبض حساً. وتختلف كيفية قبض الأشياء بحسب حالها ، واختلاف الأعراف فيما يكون قبضاً لها.

ثانياً: إن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعاً وعرفاً:

القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل ، في الحالات التالية:

أ - إذا أودع في حساب العميل مبلغ من المال مباشرة ، أو بحوالة مصرفية.

ب - إذا عقد العميل عقد صرف ناجز بينه وبين المصرف ، في حال شراء عملة بعملة أخرى لحساب العميل.

ج - إذا اقتطع المصرف - بأمر العميل - مبلغاً من حساب له ، إلى حساب آخر بعملة أخرى، في المصرف نفسه، أو غيره، لصالح العميل أو لمستفيد آخر، وعلى المصارف مراعاة قواعد عقد الصرف في الشريعة الإسلامية.

ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل.

على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة، خلال المدة المغتفرة، إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي.

2 - تسلم الشيك إذا كان له رصيد قابل للسحب، بالعملة المكتوب بها، عند استيفائه وحجزه المصرف" انتهى من "مجلة مجمع الفقه" (ع 6، ج 1 ص 453).

وجاء في " المعايير الشرعية " في معيار الأوراق التجارية، ص 273:

" 6/ 2 لا يعتبر تسلم الشيك الحالّ الدفع قبضاً حكمياً لمحتواه ، إذا لم يكن مصرفيا ، أو مصدقا ، أو في حكم المصدق، فإذا لم يكن كذلك: لا يجوز التعامل به فيما يشترط فيه القبض " انتهى.

وجاء فيها ص 280: " مستند اعتبار الشيك في معنى القبض لمحتواه ، إذا كان مصدقا أو في قوة المصدق: أن الشيك يحاط بضمانات كبيرة ، تجعل القابض له مالكا لمحتواه، ويستطيع المستفيد منه أن يتصرف فيه ، فيبيع به ويشتري ويهب، كما أن هناك حماية قوية من قبل حكومات الدول تدعم الثقة بالشيك، ثم إن اعتماد الشيك يعني وجود رصيد كاف لتغطيته ، وتعهد المصدق عليه (المعتمد) بحجزه حتى نهاية الفترة المحددة للوفاء، ولذلك فإن عامة الناس يفضلون الشيك المصدق على النقد في الصفقات الكبيرة.

* مستند عدم اعتبار الشيك غير المصدق أو ما في حكمه ، في معنى القبض لمحتواه: احتمال أن يكون بدون رصيد، أو برصيد غير كاف لتغطيته. والقبض مرجعه العرف، وقد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي باعتبار تسلم الشيك المصدق قبضاً" انتهى.

ثانيا:

إذا كان البنك يودع في حسابكم الدولار، في نفس المجلس، لكن لا تتمكنون من سحبه إلا بعد مدة، وذلك لاعتبارات الحرب، فالذي يظهر أن الصرف صحيح، لكن لا يجوز لكم التصرف في الدولارات، إلا بعد التمكن من أخذها، كما سبق في قرار المجمع: " ويغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي، للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي" انتهى.

وأما إن كان البنك لا يودع الدولارات في حسابكم في نفس المجلس، فهذا صرف ربوي محرم، لا يجوز الدخول فيه ابتداء.

ومن حصل على شيك أو إيصال بمبلغ الدولار، والحال ما ذكرنا من عدم وجودها في حسابه، فليس له أن يتعامل بهذا الشيك في أمر يشترط فيه القبض ، كشراء عملات أخرى أو ذهب أو فضة.

ثالثا:

لا يجوز بيع الحق في استلام الدولارات، أو "إجراءات الحصول"، أو البطاقة، للتجار؛ لأن هذا من بيع الدين لغير من هو عليه، وهو محرم. فالتاجر هنا يشتري الدين الذي على البنك، بثمن أقل من المسجّل، ثم يستلمه من البنك بعد مدة، وهذا ربا محرم.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي:

" ثالثاً : إن حسم (خصم) الأوراق التجارية غير جائز شرعاً، لأنه يؤول إلى ربا النسيئة المحرم " انتهى من مجلة مجمع الفقه (العدد السابع ج 2 ص9).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/333) : "لا يجوز بيع ولا شراء سندات النقود الحالَّة والمؤجلة ، بأقل مما فيها ، أو أكثر مما فيها ؛ لأن ذلك يعتبر من صريح الربا .

وقد اجتمع في هذه المعاملة ربا الفضل وربا النسيئة ، وكلاهما محرم بالنص" انتهى.

وينظر: جواب السؤال رقم : (266248)، ورقم : (269136).

رابعا:

من ملك الدولارات، أو سحبها ببطاقة الفيزا، داخل بلده أو خارجها، جاز له أن يبيعها بالعملة المحلية أو بغيرها، بشرط التقابض في المجلس، ولو كان ذلك بأكثر من السعر الذي تحدده الدولة.

وينظر حكم الاتجار في العملة في السوق السوداء في جواب السؤال رقم : (115001).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب