الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حديث صحيح في عدم خلود عصاة الموحدين في النار.

286879

تاريخ النشر : 04-12-2018

المشاهدات : 33784

السؤال

عن أبي هريرة قال : قال رسول صلِ الله عليه وسلم : ( مَا زِلْتُ أَشْفَعُ إِلَى رَبِّي ، وَيُشَفِّعُنِي حَتَّى ، قُلْتُ : أَيْ رَبِّي ، شَفِّعْنِي فِيمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، هَذِهِ لَيْسَتْ لَكَ وَلا لأَحَدٍ ، وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَرَحْمَتِي لا أَدَعُ فِي النَّارِ أَحَدًا قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ) فهل هذا الحديث صحيح ؟

ملخص الجواب

هذا حديث صحيح ، وهو يدل - في جملة أحاديث كثيرة غيره - على صحة اعتقاد أهل السنة والجماعة ، بعدم خلود أحد من أهل التوحيد في النار .  

الجواب

الحمد لله.

هذا حديث صحيح ، وهو من جملة الأحايث الواردة في الشفاعة .روى البخاري (7510)، ومسلم (193) – واللفظ له- عن أنس بن مالك قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:   

إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ لَهُ: اشْفَعْ لِذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ خَلِيلُ اللهِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللهِ، فَيُؤْتَى مُوسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَإِنَّهُ رُوحُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيُؤتَى عِيسَى، فَيَقُولُ: لَسْتُ لَهَا، وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَأُوتَى، فَأَقُولُ: أَنَا لَهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي، فَأَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ الْآنَ، يُلْهِمُنِيهِ اللهُ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ: يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ .

فَأَقُولُ: رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انْطَلِقْ، فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ بُرَّةٍ، أَوْ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ .

ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فِي الرَّابِعَةِ، فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ .

فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ لَكَ - أَوْ قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ إِلَيْكَ - وَلَكِنْ وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي وَجِبْرِيَائِي، لَأُخْرِجَنَّ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

وقد رواه ابن أبي عاصم في "السنة" (827) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (2/694) مختصرا ، بلفظ :   مَا زِلْتُ أَشْفَعُ إِلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَيُشَفِّعُنِي وَأَشْفَعُ وَيُشَفِّعُنِي حَتَّى أَقُولَ: أَيْ رَبِّ شَفِّعْنِي فِيمَنْ قَالَ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ ، فَيَقُولُ: هَذِهِ لَيْسَتْ لَكَ يَا مُحَمَّدُ وَلا لأَحَدٍ، هَذِهِ لِي، وَعِزَّتِي وَجَلالِي وَرَحْمَتِي لا أَدَعُ فِي النَّارِ أَحَدًا يَقُولُ لا إله إلا الله  .

وصححه الألباني في تعليقه على "السنة" لابن أبي عاصم .

وقد روى مسلم (199) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ، فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا  .

قال العراقي رحمه الله :

" إنْ قُلْت مَا الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: (فَأَقُولُ يَا رَبِّ ائْذَنْ لِي فِيمَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَك أَوْ قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ إلَيْك، وَلَكِنْ وَعِزَّتِي وَكِبْرِيَائِي وَعَظَمَتِي لَأُخْرِجَنَّ مِنْ النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَالْمُرَادُ بِالْقَائِلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَنْ مَاتَ عَلَيْهَا مُعْتَقِدًا لَهَا ، فَهُوَ الَّذِي مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاَللَّهِ شَيْئًا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ قَالَ إنَّ هَؤُلَاءِ تَنَالُهُمْ شَفَاعَتُهُ؟

قُلْت: قَدْ قَيَّدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَنَالُهُ شَفَاعَتُهُ ، مَعَ كَوْنِهِ مَاتَ غَيْرَ مُشْرِكٍ بِاَللَّهِ تَعَالَى ، بِكَوْنِهِ مِنْ أُمَّتِهِ .

وَاَلَّذِي جَاءَ فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ إلَيْهِ : لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدُهُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ .

فَحَصَلَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ، بِأَنَّ الَّذِي تَنَالُهُ شَفَاعَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمْ مُوَحِّدُو هَذِهِ الْأَمَةِ، وَاَلَّذِي اسْتَأْثَرَ بِهِ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ مُوَحِّدُو غَيْرِ هَذِهِ الْأَمَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ " .

انتهى من "طرح التثريب" (3/ 120) . 

وأقوى من ذلك ، ما ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في الجمع بين الحديث المذكور ، وحديث أبي هريرة : ( أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله مخلصا ) . قال :

" ويحتمل وجها آخر ، وهو أن المراد بقوله ليس ذلك لك : مباشرة الإخراج ، لا أصل الشفاعة ، وتكون هذه الشفاعة الأخيرة وقعت في إخراج المذكورين ؛ فأجيب إلى أصل الإخراج ، ومنع من مباشرته ، فنسبت إلى شفاعته في حديث : ( أسعد الناس ) ، لكونه ابتدأ بطلب ذلك . والعلم عند الله تعالى " انتهى من "فتح الباري" (11/456) .

ويؤيده ما رواه البخاري (7439)، ومسلم (183)، في حديث الشفاعة من حديث أبي سعيد ، وفيه :   فَيَشْفَعُ النَّبِيُّونَ وَالمَلاَئِكَةُ وَالمُؤْمِنُونَ، فَيَقُولُ الجَبَّارُ: بَقِيَتْ شَفَاعَتِي، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ أَقْوَامًا قَدْ امْتُحِشُوا، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرٍ بِأَفْوَاهِ الجَنَّةِ، يُقَالُ لَهُ: مَاءُ الحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ فِي حَافَتَيْهِ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ   هذا لفظ البخاري ، ولفظ مسلم  :   فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: شَفَعَتِ الْمَلَائِكَةُ، وَشَفَعَ النَّبِيُّونَ، وَشَفَعَ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَيَقْبِضُ قَبْضَةً مِنَ النَّارِ، فَيُخْرِجُ مِنْهَا قَوْمًا لَمْ يَعْمَلُوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ فِي نَهَرٍ فِي أَفْوَاهِ الْجَنَّةِ يُقَالُ لَهُ: نَهَرُ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُونَ كَمَا تَخْرُجُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ  .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب