الحمد لله.
النفاق الأكبر: هو أن يبطن الإنسان الكفر، ويظهر الإسلام.
قال الجرجاني رحمه الله :
" المنافق هو الذي يضمر الكفر اعتقادا ، ويظهر الإيمان قولا " انتهى من "التعريفات" ص(298).
وأما النفاق الأصغر – ويسمى أيضا بالنفاق العملي - فهو نفاق الأعمال ، وهو أن يظهر عملا صالحا ويبطن خلاف ذلك ، أو تختلف سريرته عن علانيته ، لكن ليس في أصول الإيمان .
ومن ذلك أن يتصف بصفات المنافقين، من الكذب والخيانة وإخلاف الوعد.
وينظر جواب السؤال: (153691).
فمن أظهر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وأبطن ما يناقض ذلك ، أو يناقض شيئا منه : فهذا هو المنافق النفاق الأكبر .
وهؤلاء هم المعنيون بقوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) النساء/145
كنفاق ابن سلول وسائر المنافقين الذين قال الله تعالى عنهم : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ .يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ .. إلخ الآيات ) البقرة/8–20.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" فَمِنْ النِّفَاقِ مَا هُوَ أَكْبَرُ وَيَكُونُ صَاحِبُهُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ؛ كَنِفَاقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي وَغَيْرِهِ؛ بِأَنْ يُظْهِرَ تَكْذِيبَ الرَّسُولِ أَوْ جُحُودَ بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ، أَوْ بُغْضَهُ، أَوْ عَدَمَ اعْتِقَادِ وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ، أَوْ الْمَسَرَّةِ بِانْخِفَاضِ دَيْنِهِ، أَوْ الْمُسَاءَةِ بِظُهُورِ دِينِهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ مِمَّا لَا يَكُونُ صَاحِبُهُ إلَّا عَدُوًّا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَهَذَا الْقَدْرُ كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَا زَالَ بَعْدَهُ؛ بَلْ هُوَ بَعْدَهُ أَكْثَرُ مِنْهُ عَلَى عَهْدِهِ؛ لِكَوْنِ مُوجِبَاتِ الْإِيمَانِ عَلَى عَهْدِهِ أَقْوَى. فَإِذَا كَانَتْ مَعَ قُوَّتِهَا وَكَانَ النِّفَاقُ مَعَهَا مَوْجُودًا، فَوُجُودُهُ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ أَوْلَى" انتهى من "مجموع الفتاوى" (28/434) .
وسبيل الخلاص من النفاق الأكبر يكون بالدخول في دين الإسلام، بصدق، وتصديق ، والإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره إيماناً صادقًا .
وأن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، موقنا بها قلبه، مخلصا، محبا لله ورسوله.
ومن تاب من المنافقين وأصلح سريرته، وأخلص دينه لله، فهو من المؤمنين .
قال تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا) النساء/145-146.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (231576).
والله أعلم .
تعليق