الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

الشعور بالحرج والمشقة في طلب العفو من المظلوم

298054

تاريخ النشر : 23-01-2019

المشاهدات : 31717

السؤال

عند التوبة من المعاصي في حق الناس أجد مشقة وحرجا كبيرا في استسماح الناس لأسباب كثيرة ، فمثلا أنا شاب لدى 17 عاما لو ذهبت لهذه واستسمحها ، وهي في نفس سني أجد حرجا كبيرا جدا ، وأيضا ستتحرك الغرائز ، وسأجد مشقة كبيرة ، وغيرها من المواقف يشق على الوصول لمن أذنبت في حقه حتى استسمحه لأسباب غير هذه ، فهل هذه المشقة التي تجلب التيسير وتسقط عني طلب المسامحة شفاهة من كل شخص ، أكرر أنه هناك مشقة كبيرة في استسماحهم لأسباب كثيرة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

حقوق العباد ومظالمهم : إما أن يتم أداؤها إليهم ، وإما أن يستسمحوا منها ويطلب منهم العفو .

فإذا لم يحصل شيء من ذلك بقي عليه الوعيد بالقصاص يوم القيامة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :  يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ   رواه أحمد (2/363) وصححه محققو المسند ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (1967).

والاقتصاص بين الناس في ذلك اليوم يكون بالحسنات والسيئات .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:   مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أَنْ لاَ يَكُونَ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ  رواه البخاري (2449).

فتوبة الظالم ونجاته من آثار ظلمه : يكون بعفو المظلوم ، أو أداء حقه إليه .

والظلم الذي صدر من الإنسان تجاه غيره أنواع:

منها : الظلم في المال:

والتوبة من هذا تكون بإرجاع المال إلى المظلوم؛ والمطلوب أن يصل المال إليه ولو بدون إعلامه.

سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":

" إذا سرق إنسان مالا، ثم أراد أن يتوب فأرجع المال إلى صاحبه بدون علم من صاحبه، فما حكم توبته؟

فأجابت: إذا كان الواقع كما ذكرت وكان صادقا في توبته وندم على ما حصل منه، وعزم على ألا يعود، فتوبته صحيحة، ولا يضره في توبته عدم علم المسروق منه بما رد إليه من ماله.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى. "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء" (24 / 355).

ومنها : الظلم في البدن كالضرب:

والتوبة من هذا تكون بتمكين المظلوم من القصاص ، أو الاعتذار إليه وطلب المسامحة إن رضي بذلك وأسقط حقه ، ولا عبرة بالحرج في هذا، فكما أن الظالم كانت له جرأة في التعدي، فعليه أن تكون له الجرأة في طلب العفو، وكما أحزن المظلوم فعليه أن يزيل همّه، والحياء في هذه الحال ليس بحياء مشروع بل هو ضعف وخور وتثبيط من الشيطان، فعلى المسلم أن يستعين بالله في التحلل من مثل هذه المظلمة، ولا يعجز.

ومنها : الظلم في العرض كالغيبة والبهتان:

فهذا له حالات:

الحالة الأولى: إن كانت الغيبة ونحوها قد وصلت للمظلوم وعلم قائلها؛ فلا بد من طلب عفوه ليزول ما في صدره من حزن، وليطيّب خاطره، وليصلح ذات البين.

الحالة الثانية: إن لم تكن هذه الغيبة ونحوها قد وصلت للمظلوم؛ فهو غافل عن هذه الكلمة المؤذية له، ففي هذه الحال الأَوْلى ألا يخبره بما حصل؛ ولا يحزنه، وإنما على الظالم التوبة والاستغفار والدعاء بالخير للمظلوم وذكره بين الناس بما يعلم فيه من خير.

وكذا إذا كان يظن أن الإخبار سيولد شرا، ولا ينصلح الحال؛ كأن يؤدي إلى القطيعة والتهاجر، أو الفتنة إن كانت هذه المظلمة بين امرأة ورجل، وخشيت الفتنة بينهما، كما أشرت في السؤال ؛ ففي هذه الأحوال: لا يلزم أن يتواصل مع المظلوم ، الذي اغتابه ، أو سبه مباشرة ، وعليه أن يجتهد في الاستغفار له ، والدعاء له ، وذكره بالخير، في المواضع التي ذكره فيها بالشر أو الغيبة، أو الأذى .

وراجع للفائدة الفتوى رقم : (6308).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب