الحمد لله.
أولا :
حكم التأمين التجاري
التأمين التجاري محرم بجميع صوره، سواء كان تأمينا على الحياة، أو الصحة، أو على الممتلكات.
لكن التأمين الصحي- الذي لا يأخذ فيه الشخص المؤمِّن مالا، وإنما توفر له شركة التأمين الكشف الطبي والعلاج- وجه تحريمه قيامه على الغرر والمقامرة، لا الربا.
وما كان كذلك فإنه يباح للحاجة.
ووجه الغرر: أن المؤمِّن يدفع مالا لا يدري أينتفع بخدمات علاجية مساوية له، أو أكثر منه، أو أقل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " ومفسدة الغرر أقل من الربا، فلذلك رخص فيما تدعو إليه الحاجة، فإن تحريمه أشد ضررا من ضرر كونه غررا، مثل: بيع العقار، وإن لم تعلم دواخل الحيطان والأساس، ومثل بيع الحيوان الحامل أو المرضع، وإن لم يعلم مقدار الحمل واللبن، وإن كان قد نهي عن بيع الحمل مفردا، وكذلك اللبن عند الأكثرين، ومثل بيع الثمرة بعد بدو صلاحها، فإنه يصح مستحق الإبقاء، كما دلت عليه السنة، وذهب إليه الجمهور كمالك والشافعي وأحمد، وإن كانت الأجزاء التي يكمل بها الصلاح لم تخلق بعد" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/21).
وقال رحمه الله: " وكذلك بيع الغرر هو من جنس الميسر، ويباح منه أنواع عند الحاجة، ورجحان المصلحة" انتهى من "مجموع الفتاوى" (14/471).
وقد ذهب جماعة من المعاصرين إلى جواز التأمين الصحي عند الحاجة، منهم الدكتور علي محيي الدين القرة داغي، والدكتور عبد الرحمن بن صالح الأطرم، والدكتور يوسف الشبيلي، والدكتور خالد الدعيجي.
فمن احتاج إلى التأمين الصحي لعدم تمكنه من العلاج على نفقته، أو لكون ذلك يشق عليه مشقة ظاهرة، جاز له التعامل به.
ومن اضطر إلى هذا التأمين، أو أجبر عليه، أو أجبرت عليه شركته، فلا حرج عليه في الانتفاع، وهذا ظاهر.
ثانيا:
العمل في مجال الترميز الطبي
لا حرج في العمل في مجال الترميز الطبي، ولا يعد ذلك من الإعانة على المحرم؛ لأن من المراجعين من هو محتاج للتأمين، أو مجبر عليه، أو أجبرت شركته على التأمين له، أو لأسرته، وهؤلاء يباح لهم الانتفاع بالتأمين الصحي كما سبق، ويبقى من كان غير محتاج له، وهذا يتعذر تمييزه.
ثم إن دور المبرمج الطبي وشركته هو إعانة المستشفى على أخذ أجرة ما قامت به، وليس من دورها إعانة أحد على أن يؤمن تأمينا محرما أو جائزا، بل التأمين عقد سابق على عمل المبرمج.
والله أعلم.
تعليق