الحمد لله.
عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، قَالَ: " ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فِيهِ وَرَفَّعَ... فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ ... رواه مسلم (2937).
ولا علاقة لهذه بألوهية عيسى عليه السلام بحال، فإن من آمن به عبدا لله ، ونبيا رسولا ، مع أنه يعلم أن الله جعل له إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، إلى آخر ما قص الله علينا من نبأ عيسى ، وما أعطاه من الآيات الدالة على صدقه، ونبوته؛ من آمن به، مع ذلك كله، لم يتعذر عليه أن يؤمن بأنه عبد لله ، مع ما ذكر من موت الكافر بنفسه، قبل يوم القيامة.
وها هنا أمران:
الأمر الأول: واضح من السياق أن هذه الإماتة هي قدرة جعلها الله تعالى لنَفَس عيسى عليه السلام؛ وليس أمرا استقل به عيسى عليه السلام، كما كان حاصلا قبل رفعه حيث جعل الله في نفسه القدرة على الإحياء بإذنه تعالى؛ حيث قال سبحانه وتعالى: وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ آل عمران /49.
الأمر الثاني: من صدّق بهذا الحديث فعليه أن يصدق بما فيه؛ وهو أن عيسى عليه السلام يكون في جانب المسلمين المعتقدين ببشرية عيسى عليه السلام، وعدم ألوهيته، والكافر في لغة الوحي يتناول النصارى المعتقدين بألوهية عيسى عليه السلام فيكونون من ضمن من يموت بريح نفسه. ولذلك فعيسى عليه السلام لن يقبل من أحد أن يبقى على دين النصرانية، ولا غيره من الأديان، سوى دين الإسلام.
عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا ، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ ، وَيَفِيضَ المَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ : وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ : وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا البخاري ( 3448 )، ومسلم ( 155 ) .
وينظر جواب السؤال رقم: (222036)، ورقم : (218350).
والله أعلم.
تعليق