الحمد لله.
أولا:
يجوز الزواج من نصرانية، إذا كانت محصنة أي عفيفة عن الزنا، لقوله تعالى: الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ المائدة/5
لكن لا بد أن يكون لزوجها المسلم الولاية عليها، وعلى أولاده منها؛ لقوله تعالى : وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً النساء / 141 .
وقد نبه ابن جرير رحمه الله على شرط مهم يتصل بذلك وهو : " أن تكون بموضع لا يخافُ الناكح فيه على ولده أن يُجْبر على الكفر " انتهى من "تفسير الطبري" (9/ 589).
فإن خاف من قوانين البلد التي يعيش فيها أن تسقط ولايته على زوجته وأهل بيته، أو حقه في حضانة أطفاله، أو تثبت للزوجة النصرانية حقا في تنصير أولاده؛ فإن أمكن أن يشترط حقه، ويحتاط لنفسه ولذريته، وإلا لم يجز له الإقدام على ذلك.
والأولى الزواج من المسلمة؛ إذ هي أحق بالستر والإنفاق عليها، وأنفع للولد وتربيته غالبا، ولأنه يخشى من الكتابية أن تفسد أولادها، أو تغريهم باتباع دينها.
قال في "كشاف القناع" (5/ 84): " (والأولى أن لا يتزوج من نسائهم. وقال الشيخ: يُكره).
أي مع وجود الحرائر المسلمات. قال في الاختيارات: وقاله القاضي وأكثر العلماء؛ لقول عمر للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلقوهن " انتهى.
ثانيا:
ولي النصرانية: مَنْ كان على دينها، من عصبتها. وأما الملحد: فلا يصح أن يكون وليا لها، لاختلاف الدين.
قال في "كشاف القناع" (5/ 53) في بيان شروط الولي: " (و) الثالث: (اتفاق دين) الولي والمولّى عليها، فلا يزوج كافر مسلمة، ولا عكسه. قال في الاختيارات: لو كانت المرأة يهودية ووليها نصرانيا، أو بالعكس؛ فينبغي أن يخرّج على الروايتين في توارثهما. وجزم بمعناه في شرح المنتهى قال: ولا لنصراني ولاية على مجوسية، ونحو ذلك؛ لأنه لا توارث بينهما بالنسب... والسلطان يزوج كافرة لا ولي لها" انتهى.
وعلى ذلك؛ فإذا لم يوجد من عصبتها نصراني، فإنه يزوجها القاضي المسلم إن وجد، فإن لم يوجد : زوَّجها مدير المركز الإسلامي في منطقتها.
وفي"فتاوى اللجنة الدائمة" (18/ 322): " لا يجوز للمسلم أن يتزوج النصرانية إلا إذا كانت محصنة، أي عفيفة عن الزنا، ولا بد أن يتولى عقد نكاحها وليها وهو أبوها، فإن لم يوجد فأقرب عصبتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي).
وإذا لم يوجد لها ولي فإنه يزوجها مفتي المسلمين، أو رئيس المركز الإسلامي لديكم، ولا يجوز أن تزوجها أمها؛ لأنه لا ولاية لها عليها في عقد النكاح " انتهى.
والله أعلم.
تعليق