الحمد لله.
أولًا:
كيف يربي الأب أبنائه؟
الذي ينبغي على الوالد أن يكون رفيقًا في تعليم ولده، وتوجيهه، وأن يدع السب والشتم، لا يكون له خلقا، ولا أدبا. فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّابًا، وَلاَ فَحَّاشًا، وَلاَ لَعَّانًا" رواه البخاري (6031).
قال الإمام "ابن هبيرة" في "الإفصاح" (5/ 330): "يدل على أن الفحش واللعن لم يكن من أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإذا رأيته الغالب على كلام شخص فلا تقتد به".
وليتأمل العاقل في هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والإرشاد؛ فقد روى الإمام مسلم (537): عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ، قَالَ: " بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ؟ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ، فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللهِ، مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
ومن المعلوم حث النبي صلى الله عليه وسلم على الرفق في كل شيء؛ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: لَمْ يَدْخُلِ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلَمْ يُنْزَعْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَانَهُ أحمد (13531).
وإذا كان الأمر كذلك، فأحق الناس بالرفق والحلم، والصبر، وطول البال، والأناة: هو الولد، لا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الملهيات، والمشغلات، وأسباب الفساد، وعظمت أخطار الانحراف على الأبناء في كل مكان، في الشارع، في المدرسة، في الأندية ومجتمعات الناس، بل دخلت عليهم أسباب الانحراف والفساد إلى داخل بيوتهم وغرفهم، مع وسائل التواصل الشبكية.
فليحذر الأب الناصح الشفيق أن يكون عونا للشيطان على ولده، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ رواه البخاري (704)، ومسلم (466)؛ فليحذر أن يكون من هؤلاء؛ وكم والد أو والدة، كان سببا في نفور ولده من الدين كله، وليس من السنن، أو الفرائض فحسب.
وليعلم أن الشدة، والضرب، والزجر، والهجر: كل هذه وسائل تأديب وتهذيب، متى استعملت بقدرها، وغلب على الظن منفعتها، وهي إنما تكون في النادر من الأحوال، مع خلطها بما يزيل مفسدتها وأضرارها من الترغيب والإحسان في مقامه؛ فأما أن تتحول إلى سلوك دائم، وطريقة ثابتة في المعاملة، فلا، وإذا ظهرت مفاسدها، فهذا أبعد من استعمالها واللجوء إليها، وأدعى للعاقل أن يتوقف عنها، ويبحث عما ينفع مع ولده. فليس المقصود هو الانتقام من الولد إذا قصر، بل المقصود زجره، ورده لجادة الخير والصواب.
وليعلم الوالد العاقل: أنه متى ظفر من ولده بأداء الفرائض، فقد جاوز العقبة الكأداء، فليحمد الله على ذلك، وليرض منه بما سمحت به نفسه، وجاد به طبعه، ولا يشدد عليه فيما فوق ذلك، بل يتغافل، وينصح مرة، ويدع أخرى، فإن في ذلك خيرا كثيرا، إن شاء الله.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (10016)، ورقم: (127233).
ثانيًا:
مسؤولية الأم في توجيه الأبناء
على أننا نرى في مثل هذا الظرف المذكور: أن على الأم مسؤولية مضاعفة، مسؤولية أن تحتوي الابن، فلا تدعه يشرد، وأن تحاول جهدها إصلاح ما أفسده الوالد بخطئه في المعاملة، فترغب الابن، وتتلطف له، وترقق قلبه، وتجتهد في إزالة في ما نفسه من الوحشة من والده، مع اجتهادها ـ في المقابل ـ في أن تنصح الوالد، وتبين له خطأ مسلكه، وما ترتب عليه من آثار سلبية.
بعض الأساليب المعينة على تربية الأولاد على الصلاة
ومن الأساليب المعينة على تأديب الأولاد وتربيتهم على الصلاة، وتعظيم قدرها، فيمكن إجمالها فيما يلي:
ضرورة وجود القدوة العملية متمثلة في تمام حرص الأبوين على الصلاة في مواقيتها.
التذكير بأهمية الصلاة، وبيان أنها ركن عظيم من أركان الدين، ولا يتم الدين إلا بها.
تحريض الأبناء على مصاحبة المحافظين على الصلاة، مع غرس الدوافع الإيجابية في نفوسهم التي تدفعهم إلى التنافس الشريف على إقامة الصلاة والمسارعة في الخيرات.
الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله، أن يهديهم صراطه المستقيم، وأن يجعلهم من المصلين المتقين، وهذا في الواقع من أعظم أساب صلاح الذرية، وإن غفل عنه كثير من الناس.
ألا يمل الوالدان من تكرار التذكير والنصح والتأديب، حتى وإن كرر الأولاد التهاون والتفريط، وألا ييأسا من هداية الأبناء، فلا أحد يدري: هل أتى أوان الكلمة التي تنفع، أو لا؟
انظر جواب السؤال رقم (152628).
والله أعلم.
تعليق