الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

كيف يكون ضرب الأطفال على الصلاة ؟

السؤال

كيف يكون ضرب الأطفال على الصلاة ؟

الجواب

الحمد لله.

فقد روى أبو داود (495) وأحمد (6650) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ ) . وصححه الألباني في "الإرواء" (247)

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (1/357) :

" َهَذَا الْأَمْرُ وَالتَّأْدِيبُ الْمَشْرُوعُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ لِتَمْرِينِهِ عَلَى الصَّلَاةِ , كَيْ يَأْلَفَهَا وَيَعْتَادَهَا , وَلَا يَتْرُكَهَا عِنْدَ الْبُلُوغِ " انتهى .

وقال السبكي :

" يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ يَأْمُرَ الصَّبِيَّ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ وَيَضْرِبَهُ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ .

ولَا نُنْكِرُ وُجُوبَ الْأَمْرِ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَالضَّرْبَ عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَنَحْنُ نَضْرِبُ الْبَهِيمَةَ لِلتَّأْدِيبِ فَكَيْفَ الصَّبِيُّ ؟ وَذَلِكَ لِمَصْلَحَتِهِ وَأَنْ يَعْتَادَ بِهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ " انتهى ملخصا .

"فتاوى السبكي" (1/379)

فيؤمر الصبي والجارية بالصلاة لسبع , ويضربان عليها لعشر , كما يؤمران بصوم رمضان , ويشجعان على كل خير ، من قراءة القرآن , وصلاة النافلة , والحج والعمرة , والإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد , ويمنعان من جميع المعاصي .

ويشترط في ضرب الصبي على الصلاة أن يكون ضربا هينا غير مبرّح ، لا يشق جلدا ، ولا يكسر سنا أو عظما ، ويكون على الظهر أو الكتف وما أشبه ذلك ، ويتجنب الوجه لأنه يحرم ضربه ، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم .

ولا يكون فوق عشرة أسواط ، ويكون للتأديب والتربية ، فلا يظهر به الرغبة في العقاب إلا عند الحاجة إلى بيان ذلك ، لكثرة نفور الصبي وتركه للصلاة  ونحوه .

عن أبي بردة الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا يُجلد أحدٌ فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله " . رواه البخاري ( 6456 ) ومسلم ( 3222 ) .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فقوله صلى الله عليه وسلم : " لا يضرب فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله " يريد به الجناية التي هي حق لله .

فإن قيل : فأين تكون العشرة فما دونها إذ كان المراد بالحد الجناية ؟ .

قيل : في ضرب الرجل امرأته وعبده وولده وأجيره , للتأديب ونحوه , فإنه لا يجوز أن يزيد على عشرة أسواط ; فهذا أحسن ما خُرِّج عليه الحديث " انتهى .

إعلام الموقعين " ( 2/23 ) 

كما ينبغي أن لا يكون أمام أحد ، صيانة لكرامة الصبي أمام نفسه وأمام غيره من أصحابه وغيرهم .

وينبغي أن يُعلم من سيرة الأب مع أبنائه ، وتأديبه لهم أنه لا يضرب من يضربه إلا طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا قصد له من وراء ذلك إلا تمام مصلحته ، والحرص على تربيته على الوجه المشروع ، حتى لا يشب الصبي كارها للأمر الشرعي الذي يشق عليه ويضرب من أجل تركه .

قال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" والعناية بأهل البيت ، لا تغفل عنهم يا عبد الله ، عليك أن تجتهد في صلاحهم ، وأن تأمر بنيك وبناتك بالصلاة لسبع ، وتضربهم عليها لعشر ، ضربا خفيفا يعينهم على طاعة الله ، ويعودهم أداء الصلاة في وقتها ، حتى يستقيموا على دين الله ويعرفوا الحق ، كما صحت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " انتهى ملخصا .

"مجموع فتاوى ابن باز" (6/46)

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن نأمر أولادنا بالصلاة لسبع سنين ، وأن نضربهم عليها لعشر سنين ، مع أنهم لم يُكلفوا بعد ، من أجل أن يتمرنوا على فعل الطاعة ويألفوها ، حتى تسهل عليهم بعد الكبر ، وتكون محبوبة لديهم ، كذلك الأمور التي ليست بالمحمودة ، لا ينبغي أن يعود الصغار عليها وإن كانوا غير مكلفين ؛ وذلك لأنهم يألفونها عند الكبر ويستسيغونها" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (11/386)

وقال الشيخ أيضا :

" الأمر للوجوب ، لكن يقيد بما إذا كان الضرب نافعاً ؛ لأنه أحياناً تضرب الصبي ولكن ما ينتفع بالضرب ، ما يزداد إلا صياحاً وعويلاً ولا يستفيد ، ثم إن المراد بالضرب الضرب غير المبرح ، الضرب السهل الذي يحصل به الإصلاح ولا يحصل به الضرر " انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (95/18)

وقال رحمه الله أيضا :

" لا يضرب ضرباً مبرحاً ، ولا يضرب على الوجه مثلاً ، ولا على المحل القاتل ، وإنما يضرب على الظهر أو الكتف أو ما أشبه ذلك مما لا يكون سبباً في هلاكه . والضرب على الوجه له خطره ؛ لأن الوجه أعلى ما يكون للإنسان وأكرم ما يكون على الإنسان ، وإذا ضرب عليه أصابه من الذل والهوان أكثر مما لو ضرب على ظهره ، ولهذا نهي عن الضرب على الوجه " انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (13/2)

وقال الشيخ الفوزان :

" الضّرب وسيلة من وسائل التربية ، فللمعلِّم أن يضرب ، وللمؤدِّب أن يضرب ، ولولّي الأمر أن يضرب تأديباً وتعزيراً ، وللزوج أن يضرب زوجته على النشور .

لكن يكون بحدود ، لا يكون ضرباً مبرحاً يشقّ الجلْد أو يكسرُ العظم ، وإنّما يكون بقدر الحاجة " انتهى ملخصا .

"إغاثة المستفيد بشرح كتاب التوحيد" (282- 284)

كما ينبغي التنبه أيضا إلى أن تأديب الصبي ليس على ترك الصلاة فقط ، وإنما هو أيضا على التهاون بها في شروطها وأركانها وواجباتها ، فقد يصلي الصبي ولكنه يجمع بين الصلوات ، أو يصلي بغير وضوء ، أو لا يحسن يصلي ، فيجب تعليمه شأن الصلاة كله ، والتأكيد على واجباتها وأركانها وشروطها ، فإن فرط في شيء من ذلك ألححنا عليه في النصح ، وعلمناه مرة بعد مرة ، فإن أصر أُدّب بالضرب حتى يحسن الصلاة .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب