الحمد لله.
الواجب في الشركة الاتفاق على نسبة الربح لكل شريك، سواء تساوت أموالهم أم لا، وسواء شارك كل منهم بمال، أو شارك بعضهم بعمل فقط، أو بمال وعمل.
وإذا لم يتفق الشركاء على نسبة الربح، كانت الشركة فاسدة.
قال ابن مفلح رحمه الله في "الفروع" (7/ 114): " فإن شرطا لهما أو لأحدهما ربحا مجهولا أو مثل ما شرط فلان لفلان، أو معلوما وزيادة درهم أو إلا درهما، أو ربح نصفه، أو قدرٍ معلوم أو سَفرةٍ أو عام، أو أهملاه، فسد العقد" انتهى.
وإذا فسدت المضاربة كان الربح كله لأصحاب المال والخسارة عليهم، على قدر أموالهم، واختلف في العامل:
1-فقيل يأخذ أجرة المثل، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة، ومحمَّد بن الحسن من الحنفية.
2-وقيل له أجرة المثل بشرط أن يربح، فإن لم يربح لم يستحق شيئًا، وإليه ذهب أبو يوسف من الحنفية، وهو قول في مذهب الشافعية.
3-وقيل له ربح المثل، أي كالنسبة التي يأخذها العامل في المضاربات، وهو أحد قولي مالك، واختاره ابن تيمية.
وأما الشركة الصحيحة، فإن الربح يكون على ما اتفقا، لا على قدر المال، وتكون الخسارة على صاحب المال ويخسر العامل عمله.
قال في "كشاف القناع" (3/ 511): "(وإن فسدت) المضاربة (فالربح لرب المال) ؛ لأنه نماء ماله، والعامل إنما يستحق بالشرط، فإذا فسدت، فسد الشرط، فلم يستحق شيئا .
(وللعامل) إذا فسدت (أجرة مثله، خسر المال أو ربح) ؛ لأن عمله إنما كان في مقابلة المسمى، فإذا لم تصح التسمية، وجب رد عمله عليه، وذلك متعذر؛ فوجب له أجرة المثل" انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "الصواب أنه يجب في المضاربة الفاسدة ربح المثل، لا أجرة المثل، فيعطى العامل ما جرت به العادة أن يعطاه مثله من الربح؛ إما نصفه، وإما ثلثه، وإما ثلثاه.
فأما أن يُعطى شيئا مقدرا مضمونا في ذمة المالك كما يُعطى في الإجارة والجعالة: فهذا غلط ممن قاله. وسبب الغلط ظنه أن هذا إجارة، فأعطاه في فاسدها عوض المثل، كما يعطيه المسمى في الصحيح.
ومما يبين غلط هذا القول: أن العامل قد يعمل عشر سنين، فلو أعطي أجرة المثل، لأعطي أضعاف رأس المال، وهو في الصحيحة لا يستحق إلا جزءا من الربح، إن كان هناك ربح؛ فكيف يستحق في الفاسدة أضعاف ما يستحقه في الصحيحة؟" انتهى من "مجموع الفتاوى" (20/ 509).
وقال الشيح أبو عمر الدبيان بعد عرض الأقوال وأدلتها: "الذي أميل إليه أن يعطى العامل ربح المثل؛ لأن القول بإعطائه أجرة مثله يلزم عليه كون العامل يستحق الأجرة مطلقا، ربح أم لم يربح، وقد تزيد الأجرة على رأس المال. وقد يربح أرباحًا طائلة، وقد لا يربح، فيعود ذلك بالضرر على أحد العاقدين، وقد يحاول العامل أن يفسد عقد المضاربة إذا لم يجد ربحًا ليأخذ أجرة المثل مطلقا" انتهى من "المعاملات المالية المعاصرة" (15/ 111).
وحيث إن الشركة هنا خاسرة، فإن الخسارة تلحق من دفع المال على قدر نسبهم من رأس المال الأصلي، فمن كان له نصف رأس المال، مثلا، تحمل نصف الخسارة، وهكذا.
ثم تقسم الستون ألفا المتبقية عليهم.
وعلى القول الراجح: أن العامل له ربح المثل؛ فلا شيء للعامل هنا، لعدم الربح.
وطريقة تقسيم المال على أصحاب الأموال مع إدخال الخسارة عليهم: أن يقسم مال كل واحد على مجموع المال، مضروبا في المال الناتج عن الشركة.
فلو دفع الشريك 50 ألف مثلا، وكان مجموع المال 175 ألفا، والناتج من الشركة بعد الخسارة 60 ألفا، كان له: 50000 ÷ 175000 × 60000 = 17142.8
وهذا كله: إذا كانت الخسارة بغير تعد أو تفريط من العامل؛ وإلا ضمن الخسارة.
والله أعلم.
تعليق