الحمد لله.
أولًا :
من الشفعاء الذين أكرمهم الله تعالى بقبول شفاعتهم : الشهداء ومن الأدلة على ثبوت شفاعة الشهداء :
عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ : يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ ، وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ ، وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ، وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ ، وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ ، وَيُزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ ، وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ .
رواه أحمد في "مسنده" (17182)، وأبو داود في "سننه" (2799).
ورواه أحمد في "المسند" (17182) بلفظ : .. وَيُزَوَّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، وَيُشَفَّعَ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ
وامرأة الإنسان من أخص أهله الذين يشفع لهم .
لكن هذه الشفاعة مقيدة برضا الله تعالى عن المشفوع له ، كما قال : وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى الأنبياء/28 .
فعلى الإنسان أن يكثر من العمل الصالح ، لينجيه الله يوم القيامة ، وألا يعتمد على شفاعة أحد ، وقد قال سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام حِينَ أُنْزِلَ عَلَيْهِ : وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214] يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لَا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ ، لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا ، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ رَسُولِ اللهِ ، سَلِينِي بِمَا شِئْتِ لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا رواه البخاري(2753)، و مسلم(206).
ثانيًا :
إذا حبست زوجة الشهيد نفسها، فلم تتزوج بعد وفاته، رجي لها أن يجمعها الله معه في الجنة، فإذا أكرمهما الله بذلك: كانت زوجته، وكان له من الحور العين ما كتب الله له أيضا.
عن : " سَلْمَى بِنْتِ جَابِرٍ، أَنَّ زَوْجَهَا اسْتُشْهِدَ، فَأَتَتْ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ قَدِ اسْتُشْهِدَ زَوْجِي، وَقَدْ خَطَبَنِي الرِّجَالُ، فَأَبَيْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَ حَتَّى أَلْقَاهُ، فَتَرْجُو لِي إِنِ اجْتَمَعْتُ أَنَا وَهُو،َ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَزْوَاجِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَا رَأَيْنَاكَ فعَلْتَ هَذَا مُذْ قَاعَدْنَاكَ، قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ أَسْرَعَ أُمَّتِي بِي لُحُوقًا فِي الْجَنَّةِ، امْرَأَةٌ مِنْ أَحْمَسَ .
رواه أحمد في المسند (3822) وضعفه الألباني ، ومحققو المسند.
قال العلامة الساعاتي رحمه الله:
" (فان قيل) ليس في الحديث تعيين المرأة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم، فكيف يحمله ابن مسعود على سلمى، ويستدل به لها؟
(فالجواب) لما كانت سلمى من أحمس، وأنها حبست نفسها عن الزواج طمعا في أن تكون لزوجها في الجنة، لأن الشهداء في الجنة بنص القرآن؛ توسم ابن مسعود أن هذه المرأة هي التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث. أو أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بها. والله أعلم". انتهى، من "الفتح الرباني" (16/151).
وينظر: حاشية "المسند"، ط الرسالة (6/373).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (8068)، ورقم : (183485).
وليعلم أن الشرع عظم حرمة نساء المجاهدين تعظيما بليغا، وجعل صيانة أعراضهن من العدوان: أمرا مستشنعا، وكبيرة عظيمة، حتى يقطع داعية البغي والفساد عليهن، في حين غياب أزواجهن، وقلة القائم عليهن بالحفظ والرعاية.
فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُرْمَةُ نِسَاءِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ كَحُرْمَةِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَاعِدِين،َ يَخْلُفُ رَجُلًا مِنَ الْمُجَاهِدِينَ فِي أَهْلِهِ، فَيَخُونُهُ فِيهِمْ؛ إِلَّا وُقِفَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَأْخُذُ مِنْ عَمَلِهِ مَا شَاءَ، فَمَا ظَنُّكُمْ؟! رواه مسلم (1897).
والله أعلم.
تعليق