الحمد لله.
هذه المعاملة تقع على صورتين:
الأولى:
أن تكون السيارة اشتُريت للمضارب، وهذا هو الظاهر، لأنه سيردّ بعد ذلك المبلغ، ولن يرد السيارة.
وحقيقة هذه المعاملة أنك أقرضته 5000 ليردها بعد ستة أشهر، مع زيادة قدرها 10 يورو يوميا، وهذا قرض ربوي محرم، ولا عبرة بأنكما لا تظنانه قرضا أو لا تسميانه بذلك؛ فحقيقة القرض: دفع مال لمن ينتفع به مع رد بدله.
الصورة الثانية:
أن تكون السيارة اشتُريت لصاحب المال، فهذا توكيل منه للمضارب في شراء السيارة، ثم العمل عليها، على أن يأخذ رب المال 10 يورو يوميا.
وهذه مضاربة فاسدة؛ لكون الربح فيها مبلغا مقطوعا وليس نسبة من الربح.
ولأنه إذا اشترط عليه رد المبلغ، كان فاسدا أيضا، لأن رأس المال ليس مضمونا لا من المضارب، ولا من الوكيل.
طريقة تصحيح صورة المعاملة
فلو صححت المعاملة بأن يتم الاتفاق على الربح بنسبة شائعة كالثلث مثلا أو النصف، من الإيراد، صحت عند بعض أهل العلم، وهم الحنابلة، تشبيها بالمضاربة والمزارعة، لكن تكون السيارة لك، وليست للمضارب.
قال في "شرح المنتهى" (2/228): " (ويصح دفع دابة) أو آلة حرث أو نورج ونحوه (لمن يعمل به بجزء من أجرته)، لأنها عين تنمى بالعمل عليها. فصح العقد عليها ببعض نمائها كالشجر في المساقاة والأرض في المزارعة " انتهى باختصار.
فإذا انتهت المدة أرجع السيارة لك على حالها التي هي عليها، ولا نظر إلى رأس المال الذي اشتريت به.
وثمة طريق آخر لتصحيح المعاملة، وهي أن تؤجر السيارة له بـ 10 يورو يوميا، فإذا انتهت المدة رد السيارة لك، وتكون صيانة السيارة عليك خلال مدة الإجارة؛ لأنها ملكك والمستأجر أمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
وفي "الموسوعة الفقهية" (1/286): " ولا يجوز اشتراط صيانة العين على المستأجر؛ لأنه يؤدي إلى جهالة الأجرة، فتفسد الإجارة بهذا الاشتراط باتفاق المذاهب" انتهى.
واعلم أنه يجوز أن تبيع السيارة للمستأجر، بعد انتهاء مدة الإجارة، ويجوز أن تعده بذلك عند بدء العقد، لكن السيارة خلال مدة الإجارة صيانتها وضمانها عليك، والمستأجر لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط.
والحاصل: أنه لا يصح أن تكون السيارة على ملك المضارب ابتداء ويلتزم برد ثمنها؛ لأن ذلك قرض ربوي محرم.
وأن السيارة إذا كانت على ملكك، جاز أن تعطيها لمن يعمل عليها بنسبة من إيرادها، وجاز أن تؤجرها له مدة معلومة بأجرة معلومة، ثم يرد السيارة على حالها، ولا نظر إلى ما اشتريت به.
والله أعلم.
تعليق