الحمد لله.
أولاً:
ستر العورة شرط لصحة الصلاة عند جمهور العلماء ، سواء كان ذلك في حق الرجل أو المرأة ، وينظر جواب السؤال رقم: (1046).
والواجب على المصلي أن يحترز لصلاته قبل الدخول فيها ، فيلبس ما يتيقن به ستر عورته ، ويدع الملابس التي يخشى منها ظهور شيء من عورته أثناء صلاته .
وشعر المرأة عورة يجب عليها أن تستره ، وكذلك جميع جسدها ما عدا الوجه والكفين ؛ ولذلك يجب أن تحرص على تغطية شعرها بخمار ، بحيث لا يبرز من شعرها شيء ، ولا يكون شفافًا يظهر ما تحته ولا يكون ذا فتحات كبيرة يخرج منها الشعر .
وقد صح من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) رواه أبو داود (546)، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(596).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " والمرأة لو صلّت وحدها كانت مأمورة بالاختمار ، .. وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إبداؤه في غير الصلاة " انتهى من "مجموع الفتاوى" (22 /109).
ثانيًا:
إذا خرجت شعرات يسيرة من المرأة من خلال المسامات الصغيرة التي تكون في حجابها ؛ فإن ذلك لا يبطل صلاتها ؛ لأن ذلك يسير جدًا ، وقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه يعفى عن انكشاف يسير العورة في الصلاة .
قال ابن قدامة في "المغني" (2/ 287) : " فإن انكشف من العورة يسير ، لم تبطل صلاته ، نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة ..." انتهى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/ 123) : " إذا انكشف شيء يسير من شعرها وبدنها : لم يكن عليها الإعادة ، عند أكثر العلماء وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (1/269) : ولا تبطل الصلاة بكشف يسير من العورة ، بلا قصد ... ولو كان الانكشاف اليسير في زمن طويل " انتهى .
أما إذا كان الشعر البارز كثيرًا وظاهرًا ؛ فله حالات :
الأولى : ألا تعلم به المرأة إلا بعد الصلاة ، ففي هذه الحالة لا تبطل صلاتها .
الثانية : أن تعلم به المرأة ثم تستره في الحال ، ففي هذه الحالة لا تبطل صلاتها أيضا.
جاء في "المجموع شرح المهذب" (4/ 76) : " وإن كشفت الريح الثوب عن العورة ، ثم رده : لم تبطل صلاته ؛ لأنه معذور فيه ؛ فلم تقطع الصلاة " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "إذا انكشف كثير وستره في زمن يسير ، فإن صلاته لا تبطل ، ويُتَصَوَّرُ ذلك فيما لو هبَّت ريحٌ ، وهو راكع وانكشف الثَّوب ، ولكن في الحال أعاده ، فظاهر كلام المؤلِّف أن الصَّلاة تبطل ، والصَّحيح : أنها لا تبطل ؛ لأنه ستره عن قُرْب ، ولم يتعمَّد الكشف ، وقد قال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16" انتهى من "الشرح الممتع" (2/75) .
الثالثة : أن تعلم به المرأة ثم تتركه ولا تستره ؛ ففي هذه الحالة تبطل صلاتها ، ويلزمها الإعادة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (22/ 123) : " وإن انكشف شيء كثير أعادت الصلاة في الوقت عند عامة العلماء، الأئمة الأربعة وغيرهم، والله أعلم " انتهى .
وما وقع السؤال عنه : فهو شيء يسير لا يبطل الصلاة .
والله أعلم.
تعليق