الحمد لله.
أولا:
لم نقف على هذا الفيديو الذي تمكن من تصوير فضلات الطيور فوق الكعبة!
وعلى فرض صحته، فلا إشكال في كون الطيور تضع فضلاتها فوق الكعبة، أو في المسجد فإنها طاهرة. وهذه الطيور خير من هؤلاء الملاحدة نجسي العقول، فإن الطائر يسبح ويسجد لله، كما قال تعالى: ( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) النور/41.
وقال: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ) الحج/18.
وهؤلاء الكفار، بأجناسهم: مثل البهائم، التي لا عقل لها ينفعها ، ولا هدى يهديها ؛ بل البهائم خير منها. قال الله تعالى: ( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) الأعراف/179.
قال الشيخ السعدي، رحمه الله: " أُولَئِكَ الذين بهذه الأوصاف القبيحة كَالأنْعَامِ أي: البهائم، التي فقدت العقول، وهؤلاء آثروا ما يفنى على ما يبقى، فسلبوا خاصية العقل.
بَلْ هُمْ أَضَلُّ من البهائم، فإن الأنعام مستعملة فيما خلقت له، ولها أذهان، تدرك بها، مضرتها من منفعتها، فلذلك كانت أحسن حالا منهم.
أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ الذين غفلوا عن أنفع الأشياء، غفلوا عن الإيمان بالله وطاعته وذكره.
خلقت لهم الأفئدة والأسماع والأبصار، لتكون عونا لهم على القيام بأوامر الله وحقوقه، فاستعانوا بها على ضد هذا المقصود.
فهؤلاء حقيقون بأن يكونوا ممن ذرأ الله لجهنم وخلقهم لها، فخلقهم للنار، وبأعمال أهلها يعملون.
وأما من استعمل هذه الجوارح في عبادة الله، وانصبغ قلبه بالإيمان بالله ومحبته، ولم يغفل عن الله، فهؤلاء، أهل الجنة، وبأعمال أهل الجنة يعملون " انتهى من "تفسير السعدي" (309).
فهذا الملحد ممن حق عليه العذاب لو مات على إلحاده، وهو ممن أهانه الله ولم يكرمه.
وأما الطير من حمام ونحوه ممن يطير فوق الحرم، فهو طاهر آمن، وفضلاته طاهرة، ولو شاء الله أن يمنعه لمنعه.
والذي يشك في قدرة الله على منع الطير لو أراد: مخبول في عقله.
أفلا يرى، لو كان مبصرا، كيف يمسك الله السماوات بلا أعمدة، فلا تقع على الأرض؟!
أفلا يرى قدرة الله فيما أودعه في بدن هذا الإنسان الجاحد من ملايين الخلايا؟!
فمن شك في قدرة الله وهو يرى هذه الأجرام والكواكب والحيوانات والنباتات فهو منتكس وعقله أخس من عقل البهائم.
وليتأمل الملحد في شيء واحد: في الموت، الذي يعلم يقينا أنه سيذوقه، ولا مفر له منه، وسيذوقه جميع أحبابه.
ها هو الرب القادر يتحداه ويقوله له: ستذوق الموت الذي هو من تقديري، ولا يقع إلا على يد ملائكتي، فهيا تخلص من الموت أو ابحث عن رب يخلصك من الموت، وهيهات!
قال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ) الأنعام/61.
وقال سبحانه: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) آل عمران/185.
ثانيا:
العجب منك في هذه السن تنشغلين بشبهات الملاحدة. فهل تعلمت دينك أولا؟ هل قرأت القرآن، هل نظرت في السنة؟ هل تعلمت أحكام طهارتك وصلاتك وزكاتك وصومك وأحكام لباسك وزينتك وبيعك وشرائك وغير ذلك مما تحتاجينه؟
وهل لديك العلم لتردي على الشبهات التي تقرئينها أو تستمعين لها؟ أم ستبحثين عن شيخ تسألينه عن كل شبهة؟ وربما تمكنت الشبهة من قلبك قبل أن تجدي من يجيبك.
ها أنت تكتبين في ديانتك: بين الإسلام والربوبية، أي شاكة متحيرة ضالة عن الهدى كافرة بالإله الحق وبالدين الحق.
فماذا جنيت من سماع الشبهات؟
وأنت لو مت على ذلك، فستصيرين إلى نار جهنم خالدة مخلدة فيها.
فأنقذي نفسك من النار.
ودعي عنك الشبهات، وأقبلي على الله الذي خلقك، وأنعم عليك، وأراك من الآيات في نفسك وفيما حولك ما توقنين به أنه الحق، وأن كتابه الحق، وأن دينه هو الحق.
يؤسفنا أن نقول لك: اقرئي عن الإسلام، وعن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، وعن أدلة صحة هذا الدين، لتلقي ربك مسلمة موحدة، واحذري النظر في شيء من كلام الملاحدة فإنك لا تملكين الآن رد شبهاتهم، وحالك أقرب إلى قبول أباطيلهم، وإذا عجزت عن رد شبهة تتعلق بقدرة الله، فأنت عما فوقها أعجز.
وإن من أسباب الإلحاد أن الإنسان لا يعلم قدر نفسه، فيذهب فيقرأ ما لا يقدر على رده، ولو أنه سلك الطريق الصحيحة، فتعلم دينه أولا، لرأى تفاهة الشبه التي يرددها هؤلاء الجاحدون والمتشككون.
وقد تيسر اليوم وجود برامج ودورات علمية نافعة وكتب كثيرة في الرد على الإلحاد، فيحسن بك أن تطلعي عليها وأن تلتحقي بأحد هذه البرامج، ما دام عندك شبهات وشك.
نسأل الله أن يهدي قلبك، ويردك إلى دينه الحق، ويغفر ذنبك، ويفيض عليك من الطمأنينة والسكينة واليقين.
والله أعلم.
تعليق