الحمد لله.
قد أخبر الله عز وجل بأنه يغفر الذنوب جميعا لمن تاب إليه وأناب ، فقال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 وهذا يشمل الذنوب كلها ، حتى الشرك ، فمن تاب تاب الله عليه .
وجاء في خصوص التوبة من الشرك ، وقبول ذلك ، قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) الفرقان/68- 70
وذكر الله شرك النصارى وكفرهم ثم دعاهم إلى التوبة ، فقال : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) المائدة/73، 74 .
فمهما كان الذنب عظيما ، فإن عفو الله وكرمه وإحسانه أعظم .
فما عليك إلا أن تقبل على الله تعالى ، وتندم على ما قدمت ، وتعزم على عدم العود ، ثم أبشر بعد ذلك بفضل الله ورحمته وتوفيقه ، فإن الإسلام يهدم ما قبله من الذنوب ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص رضي الله عنه : " يا عمرو أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله " رواه مسلم (121) ورواه أحمد (17861) .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه الترمذي وحسنه الألباني .
وإذا تاب العبد إلى الله تاب الله عليه ، وغفر له ، قال الله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ) الشورى/25 ، وقال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طـه/82 فعلى العبد أن يحسن الظن بربه ، وأن يؤمل قبول توبته، فإن الله يقول : " أنا عند ظن عبدي بي" حديث قدسي رواه البخاري (7066) ومسلم (2675) وعند أحمد (16059) بإسناد صحيح " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء ".
وأما تقوية الإيمان فتكون بأمور كثيرة منها :
1- كثرة ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه ، وكثرة الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم .
2- المحافظة على الفرائض والإكثار من النوافل ، ليفوز العبد بمحبة الله ، فيوفق ويسدد ، كما في الحديث: " إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه " رواه البخاري (6137).
3- مصاحبة الأخيار الذين يعينون على الطاعة ، وينفرون من المعصية .
4- قراءة سير الصالحين من العلماء والزهاد والعباد والتائبين .
5- البعد عن كل ما يذكر بالمعصية ويدعو إليها .
وبالجملة فإن الإيمان يقوى بفعل الطاعات وترك المحرمات .
نسأل الله تعالى أن يوفقك ويتوب عليك ، ويهدي قلبك .
والله أعلم .
تعليق