الحمد لله.
أولًا:
الملائكة
الملائكة عباد الله مكرمون، لهم من الأوصاف ما ذكرها الله في كتابه، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فاطر/1.
وقال: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ الشورى/5.
ثانيًا:
هل ورد أن الملائكة تسمي على أحد؟
لم يرد في الشرع أن الملائكة تسمي على أحد، وإنما ورد استغفارهم للمؤمنين، فلو قال الإنسان: استغفرت لك الملائكة، ونحو ذلك فهو أولى وأحسن.
ولكن نقول: مثل هذه العبارات مما يجري على ألسنة العوام ولا محذور فيها؛ فالتسمية ليست أكثر من ذكر الله، أو القصد منها: حفظه، أو الدعاء له بالحفظ والكلاءة من الله، وكل هذا لا محذور فيه؛ فالملائكة يسبحون الله ويذكرونه، والملائكة: منهم الحفظة، والمعقبات، يحفظون العباد، بأمر الله، من قدر الله؛ كما قال الله تعالى: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ الرعد/11.
"أَي لله ملائكة يعتقبون على حفظ عبده من جميع جهاته يأْتى بعضهم إِثر بعض بدون إِبطاءٍ. كأَن كلا منهم يطأْ عقب الآخر لشدة قربه منه يتناوبون عليه بالليل والنهار لوقايته من كل ضرر يمسه. أَو سوء يلحق به وذلك الحفظ من أَمر الله، أَي بسبب أَمر الله لهم به. فإِذا جاءَ قدر الله تخلوا عنه." انتهى من "التفسير الوسيط" (5/416)
ثم إن قول القائل هنا: "تسمي عليك ملائكة الرحمن": ليس على وجه الخبر عما فعلته الملائكة، أو تفعله؛ وإنما هو دعاء بأن تسمي عليه الملائكة، حفظا له، ودعاء له بحلول بركة اسم الله عليه؛ وهذا مقصد صالح، ظاهر، لا إشكال فيه إن شاء الله.
والحاصل:
أنه لا يظهر لنا محذور في مثل هذه العبارة، ولا ما يوجب التشديد في أمرها، أو نهي المتكلم بها.
والله أعلم.
تعليق