الحمد لله.
أولا:
عشبة ( كف مريم ) واستعمالاتها
العشبة المسماة بكف مريم لها فوائد طبية تتعلق بتسهيل الولادة، وتخفيف أعراض ما قبل الحيض، والتقليل من الأورام الليفية الرحمية.
وينظر مقال : كف مريم: فوائد وأضرار استخدامها
كما ينظر: جواب السؤال رقم: (128097).
ولا علاقة لها – ولا لأي عشبة أخرى- بجلب الرزق، أو تزويج البنات، فذلك خرافة ووهم.
ثانيا:
القاعدة العامة في إثبات الأسباب لمسبباتها
القاعدة أنه لا يجوز إثبات شيء سببا إلا إذا ثبت ذلك بالشرع، أو كان أمرا محسوسا ككون هذه العشبة تخفف آلام الحيض مثلا، وجعل ما ليس بسبب، سببا: شرك بالله تعالى.
ولو وضعت العشبة أمام البيت وقيل إنها بذلك تخفف آلام الحيض لكان هذا شركا؛ لأنه لا علاقة حسية هنا، وكذا لو ربط بينها وبين سعة الرزق أو الزواج.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " ولبس الحلقة ونحوها : إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقاً غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه، فهو مشرك شركاً أصغر، لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسببٍ سبباً، فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سبباً.
وطريق العلم بأن الشيء سبب، إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل فيه شفاء للناس [النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال الله تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين [الإسراء: 82].
وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً، كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً، فهذا سبب ظاهر بيّن.
وإنما قلنا هذا، لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به، وهو لم يكن مباشراً، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع، لأن للانفعال النفسي للشيء أثراً بيناً، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقاً شرعياً لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقاً للتشريع " انتهى من "القول المفيد شرح كتاب التوحيد" (1/ 165).
وحصول الرزق هنا لا علاقة له بالعشبة، لكن قد يبتلى الإنسان فيأتيه الخير من الله، بعد ارتكابه الحرام، فيظن أن ما فعله هو السبب، وهذا فتنة واختبار له.
وفي بعض الأحيان يسهم الشيطان في هذا، كأن يؤذي المرأة ويسقط الحمل أو ينفّر الخطاب، فإذا فعلت الشرك تركها تحمل وتتزوج، فتربط بين الشرك وبين ما حصل لها.
روى أحمد (3615)، وأبو داود (3883) عَنْ زَيْنَبَ، امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ [بن مسعود] عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ الرُّقَى، وَالتَّمَائِمَ، وَالتِّوَلَةَ شِرْكٌ).
قَالَتْ: قُلْتُ: لِمَ تَقُولُ هَذَا؟ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَتْ عَيْنِي تَقْذِفُ، وَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ يَرْقِينِي، فَإِذَا رَقَانِي سَكَنَتْ؟
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: إِنَّمَا ذَاكَ عَمَلُ الشَّيْطَانِ، كَانَ يَنْخُسُهَا بِيَدِهِ، فَإِذَا رَقَاهَا، كَفَّ عَنْهَا، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكِ أَنْ تَقُولِ، كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( أَذْهِبِ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا)وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
قال الطيبي: "وفيه رد لاعتقادها أن رقية اليهودي شافية، وإرشاد إلى أن الشفاء الذي لا يغادر سقما هو شفاء الله تعالى، وأن شفاء اليهودي ليس فيه إلا تسكينٌ ما، يعني بمعاونة فعل الشيطان كما تقدم" انتهى من "مرقاة المفاتيح" (7/ 2879).
فعلى جدتك أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك الاعتقاد الشركي- وهو اعتقاد كون العشبة سببا في الرزق والزواج -، ومن دعوتها غيرها إلى ذلك، وعليها أن تعود إلى من أضلتهم فتبين لهم الحق.
ومن تاب، تاب الله عليه.
والله أعلم.
تعليق