الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

ما يجوز للمرأة كشفه أمام النساء والمحارم

السؤال

ما رأيكم فيما يفعله كثير من النساء اليوم ، حيث يلبسن ثياباً قصيرة جداً إذا كانت مع النساء وليس معهن رجال ، وبعض هذه الثياب تكشف جزءاً كبيراً من الظهر والبطن ، أو تلبس هذه الثياب القصيرة (كالشورت) أمام أولادها في البيت .

الجواب

الحمد لله.

أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بياناً في هذا الشأن وهذا نصه :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :

فقد كان نساء المؤمنين في صدر الإسلام قد بلغن الغاية في الطهر والعفاف والحياء والحشمة ببركة الإيمان بالله ورسوله ، واتباع القرآن والسنة ، وكانت النساء في ذلك العهد يلبسن الثياب الساترة ، ولا يعرف عنهن التكشف ، والتبذل عند اجتماعهن ببعضهن أو بمحارمهن ، وعلى هذه السنة القويمة جرى عمل نساء الأمة - ولله الحمد - قرناً بعد قرن إلى عهد قريب ، فدخل في كثير من النساء ما دخل من فساد في اللباس والأخلاق لأسباب عديدة ، ليس هذا موضع بسطها .

ونظراً لكثرة الاستفتاءات الواردة إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن نظر المرأة إلى المرأة ، وما يلزمها من اللباس ، فإن اللجنة تبين لعموم نساء المسلمين أنه يجب على المرأة أن تتخلق بخلق الحياء ، الذي جعله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الإيمان وشُعبة من شُعبه ، ومن الحياء المأمور به شرعاً وعرفاً : تستر المرأة واحتشامها وتخلقها بالأخلاق التي تبعدها عن مواقع الفتنة ومواضع الريبة .

وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها ، مما جرت العادة بكشفه في البيت ، وحال المهنة (يعني الخدمة في البيت) ، كما قال تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) النور/31 .

وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة ، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونساء الصحابة ، ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا ، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية هو ما يظهر من المرأة غالباً في البيت ، وحال المهنة ، ويشق عليها التحرز منه ، كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين ، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة – هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها ، وهذا موجود بينهن ، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء ، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا والماجنات في لباسهن ، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود ، وفي صحيح مسلم (2077) عن عبد الله بن عمرو أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى عليه ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ ، فَقَالَ : ( إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلا تَلْبَسْهَا ) .

وفي صحيح مسلم أيضاً (2128) أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاتٌ مَائِلاتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلا يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا ) ومعنى : ( كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ) هو أن تكتسي المرأة ما لا يسترها فهي كاسية ، وهي في الحقيقة عارية ، مثل من تلبس الثوب الرقيق الذي يشف بشرتها ، أو الثوب الذي يبدي تقاطيع جسمها أو الثوب القصير الذي لا يستر بعض أعضائها .

فالمتعين على نساء المسلمين : التزام الهدي الذي كان عليه أمهات المؤمنين ونساء الصحابة رضي الله عنهن ومن اتبعهن بإحسان من نساء هذه الأمة ، والحرص على التستر والاحتشام ، فذلك أبعد عن أسباب الفتنة ، وصيانة للنفس عما تثيره من دواعي الهوى الموقع في الفواحش .

كما يجب على نساء المسلمين الحذر من الوقوع فيما حرمه الله ورسوله من الألبسة التي فيها تشبه بالكافرات والعاهرات ، طاعةً لله ورسوله ، ورجاءً لثواب الله ، وخوفاً من عقابه .

كما يجب على كل مسلم أن يتقي الله فيمن تحت ولايته من النساء فلا يتركهن يلبسن ما حرم الله ورسوله من الألبسة الخالعة ، والكاشفة والفاتنة ، وليعلم أنه راعٍ ومسئول عن رعيته يوم القيامة .

نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين ، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل ، إنه سميع قريب مجيب ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اهـ .

فتاوى اللجنة الدائمة (17/290) .

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة أيضاً (17/297) :

والذي يجوز كشفه للأولاد هو ما جرت العادة بكشفه ، كالوجه والكفين والذراعين والقدمين ونحو ذلك اهـ .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب