الحمد لله.
الأصل جواز كل عمل مباح في نفسه لا يعين على المعصية إعانة قريبة، وتحريم كل عمل محرم أو مباح يعين على المحرم إعانة قريبة.
فالأصل جواز إصلاح أي مكينة، لأن هذا الإصلاح عمل مباح.
لكن إن كانت المكينة تابعة لبنك ربوي، فبيعها للبنك أو تأجير محلها للبنك، أو إصلاحها، كل ذلك محرم؛ لأنه يعين على استمرار البنك، وإقبال الناس عليه، وإجراء العقود المحرمة معه، كالإيداع في الحسابات الاستثمارية، والاقتراض منه أو السحب على المكشوف.
ومعلوم أنه كلما كثرت ماكينات الصرف التابعة لبنك ما، كان ذلك من أسباب الإقبال عليه حتى لو كانت العملية المحرمة لا تتم من خلال الماكينة.
وعليه؛ فتدريب الموظفين على طريقة تسهل عليهم أخذ رواتبهم الحكومية: لا حرج فيه، ولو كانوا سيستلمونها من ماكينة البنك، لكن العمل في صيانة ماكينة البنك محرم لما قدمنا.
وهكذا قد يوجد عملان يتصل أحدهما بالآخر، أحدهما مباح والآخر محرم، كتحويل المال عن طريق البنك إلى شخص أو جهة، فهذا التحويل مباح؛ لأنه يجوز التعامل مع المرابي في عمل مباح.
أما عمل الموظف في البنك: فهو محرم؛ لأنه وإن قام بعمل مباح، فإنه يقوم بعمل آخر محرم، بل عمله المباح فيه إعانة قريبة ظاهرة للبنك، ولأنه مقر لما في البنك من منكر، ولهذا أفتى أهل العلم بتحريم كل وظيفة في البنك الربوي، ولو كانت في الحراسة أو النظافة.
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/41) : " لا يجوز لمسلم أن يعمل في بنك تعامله بالربا ، ولو كان العمل الذي يتولاه ذلك المسلم غير ربوي ؛ لتوفيره لموظفيه الذين يعملون في الربويات ما يحتاجونه ويستعينون به على أعمالهم الربوية ، وقد قال تعالى : (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَان) المائدة: من الآية2.
الشيخ عبد الله بن قعود. الشيخ عبد الله بن غديان. الشيخ عبد الرزاق عفيفي. الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وجاء فيها (15/47): " أنا مسلم في نيوزيلاند، أريد أن أسأل عن بعض المشاكل في البنك، أسمع من المسلمين هنا أن البنك حرام، ولكنني لا أعلم أي قسم منه حرام، كله أو بعض أقسامه، أنا أيضا أعمل في البنك قسم المعاملات الخارجية، وهذا القسم خاص بالتصدير والاستيراد، وأسمع من بعض الناس أن الحرام في قسم الحسابات الجارية والاعتمادات البنكية؛ لوجود فائدة فيها تماثل الربا في الإسلام، فهل تتكرمون بالإجابة العامة مع بيان الأسباب، حراما كان أو حلالا؟
الجواب: الواجب على المسلم أن يشتغل في عمل مباح؛ ليكون كسبه حلالا، والبنوك التي تتعامل بالربا: لا يجوز للمسلم أن يشتغل فيها؛ لما فيه من إعانة لها على التعامل بالمعاملات الربوية، بأي وجه من وجوه التعاون، من كتابة وشهادة وحراسة، وغير ذلك من وجوه التعاون، فإن التعاون معها في ذلك تعاون على الإثم والعدوان، وقد نهى الله عنه بقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.
ومن المعاملات الربوية الواقعة في البنوك الإيداع بفائدة، والقروض بفائدة. وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ عبد الله بن قعود ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى.
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " هل يجوز العمل في مؤسسة ربوية كسائق أو حارس ؟
فأجاب : لا يجوز العمل بالمؤسسات الربوية، ولو كان الإنسان سائقا أو حارسا ، وذلك لأن دخوله في وظيفة عند مؤسسات ربوية يستلزم الرضى بها ، لأن من ينكر الشيء لا يمكن أن يعمل لمصلحته ، فإذا عمل لمصلحته، فإنه يكون راضيا به ، والراضي بالشيء المحرم يناله من إثمه.
أما من كان يباشر القيد والكتابة والإرسال والإيداع وما أشبه ذلك: فهو لا شك أنه مباشر للحرام. وقد ثبت عن حديث جابر رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه، وقال : هم سواء" " انتهى من "فتاوى إسلامية"(2/401).
والحاصل:
أن كل عمل يعين على الربا أو على قيام المؤسسة الربوية، فهو محرم.
والله أعلم.
تعليق