الحمد لله.
أولا:
الدعاء من أعظم الأسباب الموصلة للمرادات
من المعلوم من دين الإسلام أن الدعاء من أعظم الأسباب الموصلة إلى المرادات، والنصوص الشرعية في ذلك يشق تتبعها وذكرها.
ومن ذلك حديث سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ رواه الترمذي (2139) وقال: " وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ".
وينبغي التنبه إلى أن دعاء العبد هو من جملة القدر، فالله تعالى كتب الأشياء مع أسبابها من دعاء وغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وكل داع شافع دعا الله سبحانه وتعالى، وشفع: فلا يكون دعاؤه وشفاعته إلا بقضاء الله وقدره ومشيئته، وهو الذي يجيب الدعاء ويقبل الشفاعة، فهو الذي خلق السبب والمسبب، والدعاء من جملة الأسباب التي قدرها الله سبحانه وتعالى " انتهى من"مجموع الفتاوى"(1/131).
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم:(220639).
ثانيا:
حديث (لَوْ دَعَا لَكَ إِسْرَافِيلُ وَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ ....، مَا تَزَوَّجْتَ إِلاَّ المَرْأَةَ الَّتِي كُتِبَتْ لَكَ).
وأما ما رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (52 / 395) من طريق أبي عبد الله بن منده، أنبأنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي، حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح، حدثنا عمرو ابن الربيع بن طارق، حدثنا مسلمة بن علي، عن الأوزاعي، عن محمد بن خراشة، عن عروة ابن محمد السعدي، عن أبيه: أن رجلا من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني أريد أن أتزوج امرأة، فادع لي فأعرض عنه ثلاث مرات كل ذلك يقول، ثم التفت إليه فقال: لَوْ دَعَا لَكَ إِسْرَافِيلُ وَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ وَأَنَا فِيهِمْ، مَا تَزَوَّجْتَ إِلاَّ المَرْأَةَ الَّتِي كُتِبَتْ لَكَ .
ففي اسناده مسلمة بن علي، وهو ضعيف جدا.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" مسلمة بن عليّ الخُشَني ... متروك " انتهى من"تقريب التهذيب"(ص531).
ومحمد بن خراشة، مجهول.
قال الذهبي رحمه الله تعالى:
" محمد بن خراشة: شيخ لا يعرف؛ حدث عنه الأوزاعي بخبر فيه شيء " انتهى من"ميزان الاعتدال" (3/537).
ونص عدد من أهل العلم أن مثل هذا الإسناد مرسل ليس بمتصل.
قال ابن أبي حاتم رحمه الله تعالى:
" سألت أبي عن حديث الأوزاعي عن محمد بن خراشة عن عروة بن محمد بن عطية السعدي، لجده صحبة؟
قال: يقولون: عن أبيه، ولا يذكرون عن جده، والحديث عن أبيه؛ وليس بمسند، هو مرسل " انتهى من"المراسيل"(ص183).
والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع الصغير" (4823).
فالحاصل؛ أن الحديث ضعيف لا يعارض به النصوص الثابتة الآمرة بالدعاء.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم:(245691).
ثم، لو كان الدعاء لا أثر له، لما سنّ دعاء الاستخارة، فهو مسنون في كل أمر ذي بال ومن هذه الأمور بلا شك الزواج.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:" كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: إِذَا هَمَّ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي- أَوْ قَالَ: فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ رواه البخاري(6382).
وراجع للأهمية جواب السؤال رقم:(112094).
والله أعلم.
تعليق