الحمد لله.
أولا:
لا يجوز قراءة القرآن في موضع قضاء الحاجة ، لمنافاة ذلك تعظيم كلام الله تعالى ، الذي هو أشرف الكلام وأحسنه .
والواجب على المسلم أن يكون معظما لله تعالى ولشعائر دينه ، وحرماته ، فينزه كلام الله تعالى أن يقرأه في مكان قضاء الحاجة ، والذي هو محل النجاسات وكشف العورات ومأوى الشياطين .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"لا يجوز قراءة القرآن في الحمام؛ لأنه محل قضاء الحاجة، أما محلات الوضوء أي: محلات التمسح فلا يضر قراءة القرآن، لكن في محل قضاء الحاجة -وهو الحش- لا يجوز" انتهى .
ثانيا :
أما استماع القرآن لمن كان داخل الخلاء، فقد فرق العلماء بين صورتين:
الأولى : أن يكون مصدر الصوت من الخارج ، فهذا لا يمنع منه؛ لأن التلاوة إنما هي خارج المستَحم، أو مكان قضاء الحاجة، فلا تنافي بين ذلك وبين ما يجب من تعظيم كلام الله، وإكرامه.
وقد كان المجد ابن تيمية رحمه الله وهو في الخلاء يأمر بعض غلمانه أن يقرآ له شيئا من العلم ، حتى لا يضيع عليه وقت بلا فائدة.
الصورة الثانية:
أن يكون مصدر الصوت من داخل الخلاء ، فهذا شبيه بقراءة القرآن داخل الخلاء ، فيكون ممنوعا ، إما على سبيل التحريم ، وإما على سبيل الكراهة الشديدة.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم تشغيل الشريط داخل دورة المياه، سواء كان قرآنا أم محاضرة؟
فأجاب:
"إن كان هذا الشريط خارج المكان فهذا لا بأس به ...
أما إذا كان في داخل الحمام ففي نفسي من هذا شيء ، لأن الصوت يخرج الآن من داخل الحمام ، فالأحسن ألا يستمع إلى شيء فيه قرآن ، أما إذا كان محاضرة فلا بأس .
ثم إنه لا ينبغي أيضا –حتى لو كان محاضرة – لأن هذا يؤدي إلى أن يطيل الجلوس على قضاء الحاجة ، وإطالة الجلوس على قضاء الحاجة محرمة ، لأن كشف العورة الأصل فيه المنع ، إلا لحاجة ، وإذا انتهت الحاجة يقوم ، ولا يبقى كاشف العورة .
خلاصة الجواب: لا ينبغي أن يستمع إلى شيء وهو على قضاء الحاجة، لأن ذلك يؤدي إلى تطويل الجلوس، أما إذا كان لا يؤدي إلى هذا، وأن الرجل طالب علم، ويعرف أنه لا يجوز أن يبقى فوق حاجته ، فإن كان غير قرآن فلا بأس، وإن كان المسجل داخل الحمام، وإن كان قرآنا فلا يجعل المسجل داخل الحمام، ولكن يجعله في الخارج، فلا بأس" انتهى.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
هل الاستماع إلى القرآن من أجهزة الراديو والإنسان في الحمام يأثم به على الاستماع؟
فأجاب :
"لا حرج في ذلك ، إن كان القارئ خارج الحمام ، أو وضع المسجل خارج الحمام ، وهو يستمع إلى القرآن أو الأحاديث المفيدة ، وهو على حاجته ، فلا بأس .
إنما المكروه أن يتكلم أو يقرأ ، أما أن يستمع من مسجل خارج الحمام فلا بأس" انتهى.
ولو ترك تقصد استماع القرآن بالكلية، في ذلك المكان، خاصة إذا كان في حال قضاء الحاجة، فهذا أولى، ولينشغل بغير ذلك من المفيد، من الآداب والثقافة، والفوائد ونحو ذلك؛ إن كان قد بلغ به الحرص على وقته، ولم يكن يضيع شيئا منه، ذلك المبلغ؛ فلا شك أن حال قضاء الحاجة، وما يقتضيه المقام، مناف لحال من يستمع إلى كلام الله ، وينصت إليه ، والتنافي بين مقتضى المقامين لا يخفى !!
وينظر جواب السؤال (129391)
والله أعلم .
تعليق