الحمد لله.
أولا :
الأوراق أو العلب التي كتب عليها اسم الله تعالى ، أو اسم أحد من الأنبياء ، أو الملائكة ، يجب احترامها ، ولا يجوز إهانتها .
قال أبو عبد الله الخرشي المالكي عند قول خليل : " كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ " ، قال :
" مِثْلَ الْمُصْحَفِ: أَسْمَاءُ اللَّهِ ، وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَتِهَا " انتهى من " شرح مختصر خليل " للخرشي (8/63) .
وينظر جواب السؤال رقم: (218493 ).
ثانيا:
ما دمت تشتري من الشركة شيئا مباحا ، فلا يضرك ما تفعله الشركة بهذه الأموال ، حتى لو استعملت الشركة تلك الأموال في شراء شيء محرم ، أو إنتاج شيء محرم ، فلا إثم عليك في ذلك .
والدليل على ذلك:
1-أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشتري من اليهود في المدينة ، ولم يكن يسألهم : ماذا سيفعلون بهذه الأموال التي يأخذونها؟
وقد ترجم الإمام البخاري، رحمه الله في "صحيحه": " بَابُ الشِّرَاءِ وَالبَيْعِ مَعَ المُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الحَرْبِ"، ثم روى فيه (2216) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: " كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ مُشْرِكٌ مُشْعَانٌّ طَوِيلٌ بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بَيْعًا أَمْ عَطِيَّةً؟) - أَوْ قَالَ: - (أَمْ هِبَةً)، قَالَ: لاَ، بَلْ بَيْعٌ، فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً".
قال ابن بطال رحمه الله: "الشراء والبيع من الكفار كلهم جائز، إلا أن أهل الحرب لا يباع منهم ما يستعينون به على إهلاك المسلمين من العدة والسلاح، ولا ما يقوون به عليهم.". انتهى، من "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (6/338)، ونقله عنه الحافظ ابن حجر في "الفتح" (4/410) وأقره.
2-أن الصحابة رضي الله عنهم عمل بعضهم أجيرا عند أحد اليهود في مزرعته ، ولم يسأله عن أرباح مزرعته : فيم سيصرفها؟
روى الطبراني عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أنه سقى ليهودي إبله، كل دلو بتمرة . حسنه الألباني في "صحيح الترغيب" (3271) .
وروى ابن ماجه (2541) عن عَلِىٍّ رضي الله عنه قَالَ : "كُنْتُ أَدْلُو الدَّلْوَ بِتَمْرَةٍ" حسنه الألباني في "صحيح ابن ماجه"، وقد ورد التصريح عند الترمذي وفي رواية لابن ماجه بأن صاحب البستان كان يهوديا.
3-أنك لم تقصد إعانة الشركة على المعصية، ولم يحصل منك إعانة مباشرة لها على الحرام.
قال الدكتور وليد المنيسي ـ عضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ـ : "موضوع ضابط الإعانة على الإثم والعدوان، كان محل بحث طويل، ومناقشات بين أعضاء مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته الخامسة التي انعقدت بالبحرين سنة 1428هـ. وكان خلاصة ما توصلوا إليه أن الإعانة على الإثم والعدوان أربعة أقسام:
1-مباشرة مقصودة: كمن أعطى آخر خمرًا بنية إعانته على شربها.
2-مباشرة غير مقصودة: ومنه بيع المحرمات التي ليس لها استعمال مباح؛ إذا لم ينو إعانتهم على استعمالها المحرم.
3-مقصودة غير مباشرة: كمن أعطى آخر درهمًا ليشتري به خمرًا، ومنه القتل بالتسبب.
4-غير مباشرة، ولا مقصودة: كمن باع ما يستعمل في الحلال والحرام، ولم ينو إعانة مستعمليه في الحرام، وكمن أعطى آخر درهمًا لا ليشتري به خمرًا، فإن اشترى به خمرًا وشربه، فلا إثم على من أعطاه الدرهم، طالما لم ينو به إعانته على المحرم.
ومن هذا القسم الرابع البيع والشراء، والإجارة من المشركين، وفساق المسلمين، والتصدق عليهم بالمال.
وقد كان قرار المجمع تحريم الأنواع الثلاثة الأولى، وإباحة القسم الرابع، وهو ما ليس مباشرًا، ولا مقصودًا" انتهى.
هذا مع أن الشركة التي تشتري منها لم يحصل منها إهانة لاسم المسيح ، وإنما تحصل الإهانة ممن اشترى تلك العبوة وألقاها في القمامة ، وهذا يتحمل إثمه من يفعله وليس الشركة .
لكن ممكن يؤخذ على الشركة كتابتها اسم المسيح، وهم يعتقدون أن المسيح إله ، وليس نبيا ، فيكون في نشر الشركة لهذا نشر لشعار من شعارات الكفر ، وهو محرم على الشركة قطعا ، لكن المشتري منها لا يحرم عليه ذلك كما سبق تفصيله ، وذكر أدلته .
والله أعلم .
تعليق