الحمد لله.
أولاً :
ينبغي تنزيه كلِّ اسمٍ معظَّمٍ ومحترمٍ بالشرع عن الامتهان ، كأن يُلقى في مزبلة أو صندوق قمامة ونحو ذلك .
جاء في " الموسوعة الفقهية " (14/59) : " يَجِبُ تَنْزِيهُ كُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَنِ الاِمْتِهَانِ .
فَمَنْ أَلْقَى وَرَقَةً فِيهَا شَيْءٌ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ ، أَوْ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوِ اسْمُ نَبِيٍّ ، أَوْ مَلَكٍ ، فِي نَجَاسَةٍ ، أَوْ لَطَّخَ ذَلِكَ بِنَجَسٍ - وَلَوْ مَعْفُوًّا عَنْهُ - حُكِمَ بِكُفْرِهِ ، إذَا قَامَتِ الدَّلاَلَةُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الإْهَانَةَ لِلشَّرْعِ " انتهى .
وقال أبو عبد الله الخرشي المالكي عند قول خليل : " كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَذَرٍ " ، قال :
" مِثْلَ الْمُصْحَفِ : أَسْمَاءُ اللَّهِ ، وَأَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ لِحُرْمَتِهَا " .
انتهى من " شرح مختصر خليل " للخرشي (8/63) .
وفي " حاشيتي قليوبي وعميرة " (4/177) : " ( وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ : مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا ، كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ ) ، وَالْمُرَادُ بِالْمُصْحَفِ : مَا فِيهِ قُرْآنٌ ، وَمِثْلُهُ : الْحَدِيثُ وَكُلُّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ أَوْ مَا عَلَيْهِ اسْمٌ مُعَظَّمٌ " انتهى .
فكل اسم معظم شرعا له حرمة ، ينبغي مراعاتها .
ثانياً :
وأما إلقاء الأكياس والأوراق المكتوب عليها أسماء الصحابة في القمامة ، ففيه تفصيل
:
1- إذا فعل ذلك بقصد الإهانة ، أو كراهةً للصحابة وبغضةً لهم ، أو كراهة لهذا
الصحابي بالذات ، فمثل هذا لا شك في تحريمه ، لأنه فِعْلٌ يدل على عقيدة فاسدة ،
فيحرم الاعتقاد والفعل الدال عليه جميعاً .
2- إذا لم يكن الإلقاء على
سبيل الإهانة والبغض للصحابة : فلا يخلو الأمر من كراهة ؛ لأن أسماء الصحابة التي
تدل عليهم هي أسماء محترمة بالشرع ينبغي صيانتها وتنزيهها عما لا يليق .
قال ابن الحاج المالكي رحمه الله تعالى : " الْغَالِبَ عَلَى بَعْضِ الصُّنَّاعِ
فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ الْوَرَقَ مِنْ غَيْرِ أَنْ
يَعْرِفُوا مَا فِيهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ
الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ ، أَوْ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ، أَوْ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْأَنْبِيَاءِ
عَلَيْهِمْ السَّلَامُ .
وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، فَلَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ ، وَلَا
امْتِهَانُهُ ؛ حُرْمَةً لَهُ وَتَعْظِيمًا لِقَدْرِهِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ فِيهِ أَسْمَاءُ الْعُلَمَاءِ أَوْ السَّلَفِ الصَّالِح -
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَوْ الْعُلُومُ الشَّرْعِيَّةُ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ ،
وَلَا يُبْلَغُ بِهِ دَرَجَةُ التَّحْرِيمِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ " .
انتهى من " المدخل " (4/89) .
وقد سألنا شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى عن هذه المسألة ، فقال: " إذا
لم يقصد الإهانة : فلا يحرم " انتهى .
مع التنبيه على أنه إذا اقترن باسم الصحابي ذكر الله تعالى ، أو ذكر النبي صلى الله
عليه وسلم ، أو ذُكرت الترضية عليه ونحو ذلك : حرم إلقاؤه ، لحرمة ذكر الله وذكر
رسوله صلى الله عليه وسلم .
3- وأما إن كان المكتوب على
الأوراق والأكياس لا يدل على صحابي بعينه ، وإنما يدل على شخصٍ آخر يشترك معه في
الاسم كرجل اسمه " عمر " أو " أبو بكر " ، أو كان الاسم علَماً على شارع أو محل
تجاري : فلا يشمله الحكم السابق ؛ لانتفاء معنى الإهانة أو الانتقاص في هذه الحال .
فالكراهة تتعلق بالأوراق التي يكتب فيها اسم أحد من الصحابة بما يفهم منه أنهم
المعنيون بالذكر ، كـ " عمر بن الخطاب " و " الزبير بن العوام " و " عائشة بنت
الصديق " ونحو ذلك .
وينظر للفائدة إجابة السؤال رقم : (83121)
، (13713) ، (158570)
.
والله أعلم .
تعليق