الحمد لله.
تحريم وطء الحائض والمرأة في دبرها
يحرم وطء الحائض ووطء المرأة في دبرها؛ لقول الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) البقرة/222.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه أحمد (9779)، وأبو داود (3904) والترمذي (135)، وابن ماجه (936) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
وقوله صلى الله عليه وسلم: (مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا) رواه أبو داود (2162) وحسنه الألباني في "صحيح أبي داود".
وقوله صلى الله عليه وسلم: (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى رَجُلٍ جَامَعَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا) رواه ابن ماجه (1923) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".
معنى الكفر الوارد في الحديث
ومن فعل ذلك، من غير استحلال: فقد ارتكب إثما عظيما، لكنه لا يخرج من الإسلام؛ لأن الكفر الوارد في الحديث هو الكفر الأصغر وليس الأكبر.
ويلزم من جامع امرأته وهي حائض: أن يتصدق بدينار أو نصف دينار؛ لما روى أحمد (2032)، وأبو داود (264)، والترمذي (135)، والنسائي (289)، وابن ماجه (640) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيمن يأتي امرأته وهي حائض: (يتصدّق بدينار أو بنصف دينار) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود".
والدينار يساوي أربعة جرامات وربع من الذهب، فإن كان وقع منك ذلك فانظر قيمة هذا وتصدق به، أو بنصفه، مع العزم على عدم العود لذلك أبدا.
قال الترمذي عقب ذكر حديث (مَنْ أَتَى حَائِضًا أَوْ امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): " وَإِنَّمَا مَعْنَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى التَّغْلِيظِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى حَائِضًا فَلْيَتَصَدَّقْ بِدِينَارٍ) فَلَوْ كَانَ إِتْيَانُ الْحَائِضِ كُفْرًا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ" انتهى .
وقال في "تحفة الأحوذي" الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّغْلِيظِ وَالتَّشْدِيدِ، كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْإِتْيَانَ بِاسْتِحْلَالٍ وَتَصْدِيقٍ، فَالْكُفْرُ مَحْمُولٌ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِنْ كَانَ بِدُونِهِمَا فَهُوَ عَلَى كُفْرَانِ النِّعْمَةِ" انتهى .
وقال ابن القيم رحمه الله :"فأما الكفر فنوعان : كفر أكبر، وكفر أصغر، فالكفر الأكبر: هو الموجب للخلود في النار، والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود، كما في قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (اثنتان في أمتي هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة) وقوله صلى الله عليه وسلم : (من أتى امرأة في دبرها فقد كفر بما أنزل على محمد)" انتهى من "مدارج السالكين" (1/335) .
والحاصل: أن من وقع في شيء من ذلك، فليتب إلى الله تعالى، وليستغفره، ولا يلزمه أن يجدد الإسلام إلا إذا استحله مع علمه بالتحريم.
والله أعلم.
تعليق