الحمد لله.
أولاً :
النية شرط لجميع العبادات ، فلا تصح عبادة من العبادات –ومنها الوضوء- إلا بالنية .
قال النووي رحمه الله :
" النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالتَّيَمُّمِ بِلا خِلَافٍ عِنْدَنَا ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُد , وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَمَا أُمِرُوا إلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) وَالإِخْلاصُ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهُوَ النِّيَّةُ وَالأَمْرُ بِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ .
وَمِنْ السُّنَّةِ : قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ) لأَنَّ لَفْظَةَ (إنَّمَا) لِلْحَصْرِ . وَالْمُرَادُ أَنَّ حُكْمَ الْعَمَلِ لا يَثْبُتُ إلا بِالنِّيَّةِ .
وَدَلِيلٌ آخَرُ : وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم : ( وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) وَهَذَا لَمْ يَنْوِ الْوُضُوءَ فَلا يَكُونُ لَهُ . . . إلخ " انتهى باختصار من "المجموع" (1/356) ، ونحوه في " المغني " (1/156) .
ثانياً :
ينبغي أن يعلم أن النية محلها القلب ، فلا يشرع التلفظ بها بلسانه .
انظر السؤال (13337) .
ثالثاً :
وأما وقت النية .
فالأكمل أن ينوي مع بداية الوضوء أو قبله بزمن يسير ، حتى تكون النية شاملة لجميع أجزاء الوضوء ، أما الواجب من ذلك فهو أن ينوي مع أول الواجبات .
قال ابن قدامة في "المغني" (1/159) :
" وَيَجِبُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ كُلِّهَا ; لأَنَّهَا شَرْطٌ لَهَا , فَيُعْتَبَرُ وُجُودُهَا فِي جَمِيعِهَا , فَإِنْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْ وَاجِبَاتِ الطَّهَارَةِ قَبْلَ النِّيَّةِ لَمْ يُعْتَدُّ بِهِ . وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنْوِيَ قَبْلَ غَسْلِ كَفَّيْهِ , لِتَشْمَلَ النِّيَّةُ مَسْنُونَ الطَّهَارَةِ وَمَفْرُوضَهَا . فَإِنْ غَسَلَ كَفَّيْهِ قَبْلَ النِّيَّةِ كَانَ كَمَنْ لَمْ يَغْسِلْهُمَا . وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عَلَى الطَّهَارَةِ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ . . . وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " (1/140) :
" والنية لها محلان :
الأول : تكون فيه سنة ، وهو قبل مسنون الطهارة إن وجد قبل واجب .
الثاني : تكون فيه واجبة عند أول الواجبات " انتهى .
وعلى هذا فالأكمل أن تكون النية قبل الشروع في الوضوء ، والواجب أن تكون مع أول الواجبات ، وقد اختلف العلماء في أول واجبات الوضوء ، فقيل : التسمية ، وقيل : المضمضة . وهو الصحيح ، وقيل : غسل الوجه .
انظر الأسئلة : (21241) ، (11497) .
ولكن إذا نوى مع أول الواجبات فلا يثاب على ما فعله قبل ذلك من سنن الوضوء كالتسمية وغسل الكفين ثلاثاً ، كما تقدم في كلام ابن قدامة رحمه الله .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه كان في أول الوضوء يغسل كفيه ثلاثا مع نية الوضوء ، ويسمي .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " (10/98) .
والله أعلم .
تعليق