الحمد لله.
الذي عليه جمهور أهل العلم حتى الذين يقولون بجواز كشف الوجه والكفين؛ أن قدم المرأة عورة يجب سترها أمام الرجال الأجانب، ويروى عن أبي حنيفة أن قدمها ليس بعورة، لأنه مما يظهر عادة.
جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (31/45):
" ذهب جمهور الفقهاء إلى أن جسم المرأة كله عورة بالنسبة للرجل الأجنبي عدا الوجه والكفين.
وورد عن أبي حنيفة القول بجواز إظهار قدميها؛ لأنه سبحانه وتعالى نهى عن إبداء الزينة واستثنى ما ظهر منها. والقدمان ظاهرتان " انتهى.
والمالكية من ضمن الجمهور القائلين بأن القدمين من المرأة عورة.
قال خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى:
" وعَوْرَةُ الحُرَّةِ: مَا عَدَا الْوَجْهَ والْكَفَّيْن.
هذا بالنسبة إلى الرجل " انتهى من "التوضيح" (1/301).
وإذا اختلف أهل العلم في مسألةٍ فإنه يجب الرجوع إلى الكتاب والسنة.
قال الشاطبي رحمه الله تعالى:
" فإن في مسائل الخلاف ضابطا قرآنيا ينفي اتباع الهوى جملة. وهو قوله تعالى: ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ )، وهذا المقلد قد تنازع في مسألته مجتهدان؛ فوجب ردها إلى الله والرسول، وهو الرجوع إلى الأدلة الشرعية، وهو أبعد من متابعة الهوى والشهوة؛ فاختياره أحد المذهبين بالهوى والشهوة مضاد للرجوع إلى الله والرسول" انتهى من"الموافقات" (5/ 81–82).
وإذا رجعنا إلى السنة نجدها لم ترشد النساء إلى تشمير الثياب كالرجال.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وأجمع العلماء؛ على أن تشمير الثياب للرجال، لا للنساء " انتهى من "الاستذكار" (26/299).
بل السنّة أرشدت النساء إلى تطويل الثياب لستر القدم، كما في حديث ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ.
فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟
قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا.
فَقَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ.
قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ رواه الترمذي (1731)، وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ".
وروى الترمذي (1732) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّرَ لِفَاطِمَةَ شِبْرًا مِنْ نِطَاقِهَا".
ثم قال الترمذي رحمه الله تعالى: "وفي هذا الحديث رخصة للنساء في جر الإزار لأنه يكون أستر لهن".
فسؤال أم سلمة رضي الله عنها مما يدل على أنها كانت ترى القدم مما ينبغي أن تستر لذلك استفسرت، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على عدم إنكاره لفهمها، كما أن إذنه لهن بجر الثياب والإسراف في طولها مع مشقة اتساخها، يدل على وجوب تغطية القدم.
قال ابن القطان الفاسي – مالكي - رحمه الله تعالى:
" مسألة: قد قدمنا القول في الوجه والكفين، وأنهما يُعفى عن بدوِّهما.
ويظهر بالنظر الأول أن القدمين أحرى، لما يُظَنّ من كونهما يظهران في العادة، وليس كل امرأة تجد لهما ساترا.
والأظهر عندي: منع إبدائهما، على أشد ما في الوجه والكفين، لأن الضرورة في إبدائهما ليست كالضرورة في إبداء اليدين، وقد كادت تنصُّ على ذلك أحاديث الذيل.
- ثم ذكر حديث ابن عمر، ثم قال: -
فهذا أمر بهذا القدر من التستر، وهو مبالغة في المنع من إبدائهما...
اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فأبو حنيفة يقول: جائز لها إبداؤهما في الصلاة، ولا يجب عليها ستر ظهورهما فيها؛ فدل على أنّهما ليستا عنده بعورة.
وأما مالك -رحمه الله- فإنه لا يجيز لها إبداء ظهور قدميها، في الصلاة ولا في غيرها... " انتهى من "أحكام النظر" (ص 221–224).
ولمزيد الفائدة تحسن مطالعة جواب السؤال رقم: (153367).
والله أعلم.
تعليق