الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هرب شريكه بالمال وخسر جميع التجارة فماذا يلزمه تجاه من أدخل ماله معه؟

409631

تاريخ النشر : 13-12-2023

المشاهدات : 1555

السؤال

لدي صديق يعمل بتجارة المواد الغذائية، سنرمز له بزيد مثلا، وكان يعمل مع شريك له، وكانت الأمور ميسورة، قبل أربع سنوات أعطاه أحد أصدقائه ـ وليكن عمر مثلاـ مبلغ 4000 دولار؛ من أجل تشغيلها والاستفادة من أرباحها، واتفقا على مناصفة الأرباح، يعني للتفصيل: الأول لديه محل تجارة، والثاني ارسل فقط المبلغ، وهو يسكن في محافظة أخرى، بعد سنة من إرسال المال شريك زيد اتضح أنه كان نصابا، وجمع مالا كثيرا من الناس بحجة التشغيل وهرب، تدهورت حال زيد نتيجة هروب شريكه، وتكبده خسائر متتالية أدت إلى إفلاسه، وبعدها أخذ عمرو يطالب زيدا بالمبلغ الأنف ذكره، وكان زيد يؤجله؛ عسى أن تتحسن أحواله، ويردها إليه، السؤال كالتالي: هل يحق لعمرو المطالبة بماله، علما أن زيدا خسر كل شيء بعد هروب شريكه، ولم يبقى شيء من ماله ومال عمرو؟ وهل تعتبر هذه شركة مضاربة أم شركة عنان؟ وهل يترتب على زيد إعادة المال؟ أو جزء منه؟ أو لا يترتب عليه أي شيء، كون زيد لم يقصر، ولم يفرط؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الفرق بين شركتي المضاربة والعنان أن في المضاربة يكون المال من أحد الشريكين والعمل من الآخر ، وفي العنان يكون المال منهما ، والعمل منهما أو من أحدهما .

ينظر: الإنصاف (14 /9- 54) .

وهذا الفرق لا يترتب عليه اختلاف الحكم بالنسبة لضمان الشريك للمال الذي في يده، فإن الشريك أمين على ما في يده من المال، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/ 58): "اتفق الفقهاء على أن يد الشريك يد أمانة بالنسبة لمال الشركة، أيا كان نوعها. لأنه كالوديعة مال مقبوض بإذن مالكه، لا ليستوفي بدله، ولا يستوثق به.

والقاعدة في الأمانات أنها لا تضمن إلا بالتعدي أو التقصير، وإذن فما لم يتعد الشريك أو يقصر، فإنه لا يضمن حصة شريكه، ولو ضاع مال الشركة أو تلف، ويُصدّق بيمينه في مقدار الربح والخسارة، وضياع المال أو تلفه كلا أو بعضا، ودعوى دفعه إلى شريكه" انتهى.

ثانيا:

الشريك الهارب بالمال، لا شك أنه ضامن لما أخذ؛ لأنه متعد.

أما زيد فلا يضمن شيئا من أموال الناس، لا عمرو ولا غيره ؛ إلا إذا حصل منه تعد أو تفريط كما قدمنا.

ومن صور التفريط التي يضمن فيها:

1-إذا كان لم يخبر عمراً أن له شريكا له يد على مال الشركة، فهذا تفريط من زيد يوجب ضمانه فيما يظهر لنا؛ لأن عمرو لو علم بوجود هذا الشريك فقد لا يرضى بالشركة معه، أو لا يرضى بكونه يتسلط على المال وقد يذهب به؛ فإنه إذا كان قد استأمن زيدا، صديقه، ثقة به، لم يلزم أن يأتمن شريكه على ماله؛ فلا بد أن يكون على بينة من أمره.

2-إذا أخبر زيد صاحبه أن له شريكا، لكن اشترط على نفسه أنه ضامن لشريكه، في حال تعديه أو تفريطه؛ فيضمنه الآن.

قال في "منار السبيل" (2/ 514): " (ولا يصح ضمان غير المضمونة، كالوديعة ونحوها)، كالعين المؤجرة، ومال الشركة، لأنها غير مضمونة على صاحب اليد، فكذا على ضامنه؛ إلا أن يضمن التعدي فيها، فيصح في ظاهر كلام أحمد، لأنها مع التعدي مضمونة، كالغصب" انتهى.

3-إذا كتم خبر تعدي هذا الشريك على المال، على وجه منع عمراً أو غيره من الشركاء من القبض عليه، واستنقاذ أموالهم منه؛ فهذا الكتمان يعتبر تعديا وتفريطا.

فإذا لم يكن من زيد تفريط، فلا شيء عليه، ويطالب الجميع ذلك الهاربَ بما أخذ.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب