الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

هل حديث (كل لهو باطل) يفيد تحريم سائر أنواع اللعب واللهو؟

414147

تاريخ النشر : 23-04-2023

المشاهدات : 12290

السؤال

لقد سمعت أن هناك حديثا للحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام وأنه على سياق: (كل لَهْوٍ يلهو به الرجل فهو باطل)، إلا إنه استثنى من اللهو تأديب الفرس، والرماية، وملاعبة الرجل أهله، فهل اللهو المباح خارج المذكورات في الحديث حرام؟

الجواب

الحمد لله.

روى أحمد (17300)، والترمذي (1637)، وابن ماجه (2811) عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَةَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ)، وحسنه محققو المسند.

وقوله: (باطل) أي غير نافع، وليس المراد أنه حرام؛ بل الأصل في اللهو إذا لم يتضمن ضررا ولم يشغل عن واجب: أنه مباح.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " قَوْلُهُ: (مِنْ الْبَاطِلِ) أَيْ مِمَّا لَا يَنْفَعُ، فَإِنَّ الْبَاطِلَ ضِدُّ الْحَقِّ ، وَالْحَقُّ يُرَادُ بِهِ الْحَقُّ الْمَوْجُودُ، واعْتِقَادُهُ وَالْخَبَرُ عَنْهُ، وَيُرَادُ بِهِ الْحَقُّ الْمَقْصُودُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقْصَدَ، وَهُوَ الْأَمْرُ النَّافِعُ، فَمَا لَيْسَ مِنْ هَذَا فَهُوَ بَاطِلٌ لَيْسَ بِنَافِعٍ.

وَقَدْ يُرَخَّصُ فِي بَعْضِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَضَرَّةٌ رَاجِحَةٌ، لَكِنْ لَا يُؤْكَلُ بِهِ الْمَالُ، وَلِهَذَا جَازَ السِّبَاقُ بِالْأَقْدَامِ، وَالْمُصَارَعَةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَإِنْ نُهِيَ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِهِ.

وَكَذَلِكَ رُخِّصَ فِي الضَّرْبِ بِالدُّفِّ فِي الْأَفْرَاحِ، وَإِنْ نُهِيَ عَنْ أَكْلِ الْمَالِ بِهِ" انتهى من "الفتاوى الكبرى" (4/461).

وقال الشوكاني في''نَيْل الأوطار'': "قال الغزالي: قلنا: قوله صلى الله عليه وسلم: (فهو باطلٌ) : لا يدل على التحريم, بل يدل على عدم فائدة، انتهى، وهو جوابٌ صحيحٌ؛ لأن ما لا فائدة فيه مِن قِسْم المباح" انتهى.

واعلم أن الأصل في اللهو واللعب: الإباحة، إذا لم يشتمل على محرم، ولم يؤد إليه.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى: "وسائر اللعب، إذا لم يتضمن ضررا، ولا شغلا عن فرض، فالأصل إباحته " انتهى من "المغني" (14/157).

وقال تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى: " ذكر بعضهم أن أصل قاعدة مذهبنا: أن اللهو واللعب أصلهما على الإباحة، خلافًا لمالك.

وهذه العبارة لا أعرف أحدا من الأصحاب قالها؛ ولكنها قضيةُ أن أصول الأشياء على عدم التحريم" انتهى من " الأشباه والنظائر" (1/430).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب