الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل من إكرام الشيخ وضع حذائه على الرأس؟

439326

تاريخ النشر : 23-02-2023

المشاهدات : 2889

السؤال

ما حكم وضع نعل الشيخ أو حذائه على رأس التلميذ؛ إكراما للشيخ كما حصل ذلك عند بعض الطوائف المنتسبة إلى الإسلام؟

الجواب

الحمد لله.

أولًا:

تغالي بعض الطوائف الإسلامية في آداب التلميذ (يسمونه المُريد) مع شيخه، وغرض هذه المبالغات توطين المريد على أن يجعل شيخه مرجعية، مقدسة فيسهل عليهم قياده.

يقول عبد الوهاب الشعراني: "فإن لم يتيسر للمريد صلاة الجمعة عند أستاذه، فليتخيله عنده في أي مسجد صلى فيه" انتهى.

ويقول علي وفا: "فكما أن الله -تعالى- لا يغفر أن يشرك به، فكذلك محبة الأشياخ لا تسامح أن يشرك بها" انتهى.

وقال أيضًا: "إذا صدق المريد مع شيخه وناداه من مسيرة ألف عام، أجابه حيًا كان الشيخ أو ميتًا" انتهى.

 وقال أيضا: "المريد الصادق مع شيخه كالميت مع مغسله، لا كلام ولا حركة، ولا يقدر ينطق بين يديه من هيبته، ولا يدخل ولا يخرج، ولا يخالط أحداً، ولا يشتغل بعلم ولا قرآن ولا ذكر إلا بإذنه".

وكل هذا موجود في كتاب "الأنوار المقدسية" للشعراني.

ثانيًا:

لا شك أن هذه المغالاة مذمومة جدًا، وهي من مظاهر ابتعاد هذه الطوائف عن حقيقة الإسلام وشرائعه وآدابه.

والممارسة المذكورة في السؤال: لم نرها في شيء من كتبهم، ولعلها ممارسة محدثة يفعلها بعض الغلاة.

ولا شك أن هذه الممارسة مبتدعة محدثة ، وهي من الغلو المذموم؛ وأقل ما فيها : أنها ذلة للتابع، وفتنة للمتبوع؛ وقد قالها السلف فيما هو دون ذلك بكثير .. كثير؛ أن يتبع التلميذ شيخه، ويمشي وراءه؛ فكيف لو رأوا ذلك، أو سمعوا به ؟!

عَنْ حَبِيبِ بْنِ أبِي ثابِتٍ، قالَ: رَأى ابْنَ مَسْعُودٍ ناسٌ، فَجَعَلُوا يَمْشُونَ خَلْفَهُ، فَقالَ: (ألَكُمْ حاجَةٌ)؟

قالُوا: لا.

قالَ: (ارْجِعُوا؛ فَإنَّها ذِلَّةٌ لِلتّابِعِ، فِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ).

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (5/302).

وهؤلاء يرونها قربة وطاعة، وأنها ومن رعاية حق الشيخ ؟ وهذه القربة والطاعة التي يدعونها لم تثبت عن رسول الله ، ولا عن أحد من أصحابه ، ولا فعلها التابعون مع صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهي بدعة منكرة لا أصل لها.

كما أنها تتنافى مع تكريم الله تعالى للإنسان وتتنافى مع احترام الشخص لنفسه ، وعزة المؤمن وكرامته.

وفي الحديث عَنْ حُذَيْقَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يُذِلَّ نَفْسَهُ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يُذِلُّ نَفْسَهُ؟ قَالَ: (يَتَعَرَّضُ لِلْبَلاءِ بِمَا لا يُطِيقُ) أخرجه أحمد(23444)، والترمذي(2254)، وابن ماجه(4016).

وقد ذكر العلماء في شرح هذا الحديث منع التعرض لصور الذل المختلفة، كسؤال الناس من غير حاجة وكأخذ الصدقة في العلانية.

قال في "الميسر في شرح مصابيح السنة" (٢/٤٣١) في النهي عن السؤال: "فإن السؤال مذلة، وليس للمؤمن أن يذل نفسه".

وانظر: "إحياء علوم الدين" (1/227).

ولا شك أن وضع الحذاء على الرأس فيه ذلة، وأي ذلة، وليس هو من "الآداب الشرعية" التي ندبنا إليها، ولا هو من شيم المسلمين وأخلاقهم؛ فالواجب على المؤمن أن يصون نفسه عن مثلها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب