الحمد لله.
أولًا:
الشهادة تكون بأن يخبر الشخص بما يعلمه، وليست خاصة بإخبار الشخص بما يراه بعينه، بل هي عامة في كل إخبار بعلم، يقول الله عز وجل على لسان إخوة يوسف: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا يوسف/81.
ويقول تعالى: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فصلت/20.
ويقول تعالى: وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ الزخرف/86.
يقول ابن سيده في: "المحكم" (4/181): "الشاهِد: العالم الذي يبين ما علمه، شَهِدَ عليه شَهادَةً".
ويقول الله عز وجل: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ البقرة/140.
فالموضوع الذي سماه الله عز وجل في هذه الآية: (شهادة) ليس موضوعًا يرى بالعين، وإنما هو مسألة متعلقة بالعلم بحال هؤلاء الأنبياء الكرام، والدين الذي كانوا عليه.
ثانيًا:
الطرق التي يحصل للإنسان بها العلم ثلاثة:
الطريق الأول: دلالة العقل.
الطريق الثاني: دلالة الحس.
الطريق الثالث: خبر الصادق.
فأي طريق من هذه أفاد الإنسان علمًا، فإن الإنسان يُخبر بهذا العلم ويسمى إخباره بهذا العلم شهادة.
فهناك افتراض داخل السؤال وهو أن الشهادة هي شهادة العين، ومن هذا الافتراض حصل الإشكال؛ فلا شك أننا لم نر الله بأعيننا ولم نر رسول الله عليه الصلاة والسلام.
لكن الشهادة أوسع من الشهادة بالعين، فالشهادة هي الإخبار بما علمه الإنسان.
وهذا الذي يعلمه الإنسان قد يعلمه بدلالة العقل، أو بالحواس، ومنها العين، أو بإخبار الصادق، وأي إخبار بعلم نتج عن واحد من هذه الطرق يسمى شهادة.
ولا شك أن وحدانية الله سبحانه ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام ثابتتان بالأدلة العقلية والنقلية، ولدينا علم بهما نتج عن هذه الأدلة، ويسمى إخبارنا الناتج عن هذا العلم؛ شهادة بلا إشكال.
والله أعلم.
تعليق