الخميس 6 جمادى الأولى 1446 - 7 نوفمبر 2024
العربية

ما هي الولاية التكوينية وحكم الاعتقاد بها؟

453897

تاريخ النشر : 03-07-2023

المشاهدات : 12169

السؤال

هل الولاية التكوينية التي يؤمن بها الشيعة لأئمتهم على حد شرك الربوبية؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الولاية التكوينية أثبتها كثير من الشيعة للأئمة المعصومين بزعمهم، ويراد بها: خرق نواميس الطبيعة،ـ والتسلط على الظواهر الكونية، وما يتعلق بعالم الوجود، كالإحياء والإماتة، والقبض والبسط، والإيجاد والخلق والمنع ونحو ذلك.

 يقابلها الولاية التشريعية، وهي القدرة والتصرف في أمور تتعلّق بعالم التشريع والقانون، كالحلال والحرام والواجب والمباح والأحكام في الصحة والبطلان ونحو ذلك.

وقد استدلوا لها بما جاء في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ككون عيسى عليه السلام يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، وكون دواد عليه السلام ألين له الحديد. وقالوا: إن الأئمة المعصومين أفضل من الأنبياء، فيثبت لهم هذا التصرف.

قال الخميني في "الحكومة الإسلامية" ص75: "إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية، وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون" انتهى.

وقال الميرزا جواد التبريزي (ت: 1427 هـ) في "صراط النجاة" (3/ 419): "وأمّا الولاية التكوينية، فهي التصرّف التكويني بالمخلوقات إنساناً كان أو غيره، ويدلّ عليها آيات، منها قوله تعالى: وَأوحَينَا إلَى مُوسَى أنْ ألْق عَصَاكَ فَإذَا هيَ تَلقَفُ مَا يَأفَكُونَ فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ  فَغُلِبُوا هُنَالكَ وَانْقَلَبُوا صَاغرينَ، ومنها قوله تعالى: إذ قَالَ اللّهُ يَا عيسَى ابنَ مَريمَ اذكُر نعمَتي عَلَيكَ وَعَلى وَالدَتَكَ إذ أيَّدتُكَ برُوح القُدُس تُكَلِّمُ النَّاسَ في المَهد وَكَهلاً وَإذ عَلَّمْتُكَ الكتَابَ وَالحكمَةَ وَالتَّورَاةَ وَالإنجيلَ وَإذ تَخلُقُ منَ الطِّين كَهَيئَة الطَّير بإذني فَتَنفُخُ فيهَا فَتَكُونُ طَيراً بإذني وَتُبرئُ الأكمَهَ وَالأبرَصَ بإذني إلخ، حيث أسند اللّه الفعل إلى الأنبياء. وغيرها من الآيات.

وبما أنّه لا يحتمل أن يكون ذلك ثابتا للأنبياء دون نبيّنا (ص) فحينئذ ثبت ذلك لنبيّنا محمّد (ص)، وقد ثبت أنّ عليّاً (ع) نفس النبي (ص) بنصّ القرآن، ولا فرق بين الأئمة (ع).

إذن ما ثبت للأنبياء ثبت للنبي (ص)، وما ثبت له (ص) ثبت للأئمة (ع)، إلا منصب النبوّة. نعم، الفرق بين الأنبياء والأئمة أنّ الأنبياء كانوا يفعلون ذلك لإثبات نبوّتهم بالمعجزة، وأمّا الأئمّة (ع) فكانوا لا يفعلون ذلك إلا في موارد نادرة، كما ورد في الأخبار" انتهى.

وقال: "إنّ المراد بالولاية التكوينية أنّ نفس الولي بما له من الكمال متصرّف في أُمور التكوين بإذن الله تعالى، لا على نحو الاستقلال" انتهى من "الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية" ص 80

وينظر تفصيلا لذلك في مقال (الولاية التكوينية).

ثانيا:

الولاية التكوينية افتراء وكذب، ودعوى لا دليل عليها، وهي بهذا العموم الذي يقولون به: قدح في الربوبية؛ إذ إن الأنبياء فضلا عن الأولياء ليس لهم تصرف في ذرات الكون!

قال الدكتور ناصر القفاري حفظه الله: "يقول الخميني: (وأن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبي مرسل.. وقد ورد عنهم "ع": أن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل). فالخميني هنا يفضل أئمته الاثني عشر على الأنبياء والرسل، وهذا مذهب غلاة الروافض في حكم كبار أئمة السنّة:

يقول الإمام عبد القاهر البغدادي (ت429هـ) : (وزعمت الغلاة من الروافض أن الأئمة أفضل من الأنبياء).

ويقول القاضي عياض (ت 544هـ) : (وكذلك نقطع بتكفير غلاة الروافض في قولهم إنّ الأئمة أفضل من الأنبياء).

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية (ت 728هـ) : (والرافضة تجعل الأئمة الاثني عشر أفضل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وغلاتهم يقولون إنهم أفضل من الأنبياء)...

إذن مذهب الخميني في الأئمة هو مذهب غلاة الروافض وقولته في أئمته من المقالات التي يكفر معتقِدُها. ولم يفضل الخميني الأئمة على الرسل فحسب، بل قال: (فإن للإمام مقاماً محموداً وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون).

ولا شك أن خضوع جميع ذرات الكون لا تكون إلا للجبار جل علاه.. (يسبح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم).

ومن هنا، ألا يمكن أن يقال إن عقيدة تأليه الأئمة موجودة في كتابات الخميني .؟! " انتهى من "مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة" (2/ 233).

وأهل السنة لا ينكرون كرامات الأولياء، لكنهم لا يثبون إمامة بالنص، ولا عصمة لغير الأنبياء، ولا يعتمدون على الأكاذيب في إثبات الكرامات، ولا يغلون هذا الغلو القبيح المؤدي للتأليه كما يفعل هؤلاء.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب