الحمد لله.
أولا:
إذا تبرع الشخص وأدخل معه إخوانه في شركته، وكان ذلك في حال صحته لا في مرض موته، فهو تبرع صحيح، وبه يصير إخوته شركاء له بالنِّسَب التي حددها.
والأصل أن للإنسان أن يتبرع في حال صحته بماله كله.
وأما إن كان ذلك في مرض الموت المَخُوف، وهو الذي يعقبه الموت غالبا بحسب ما يعرفه الأطباء، فهذا له حكم الوصية، فتطبق عليه أحكام الوصية؛ بأن تكون في ثلث تركة الموصي، فإن كانت أزيد من الثلث توقف الزائد على إجازة الورثة .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/193):
" وحكم العطايا في مرض الموت المَخوف، حكم الوصية في خمسة أشياء:
أحدها: أن يقف نفوذها على خروجها من الثلث أو إجازة الورثة.
الثاني: أنها لا تصح لوارث إلا بإجازة بقية الورثة.
الثالث: أن فضيلتها ناقصة عن فضيلة الصدقة في الصحة، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن أفضل الصدقة قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تأمل الغنى وتخشى الفقر ، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان متفق عليه...
الرابع، أنه يزاحَم بها الوصايا في الثلث.
الخامس، أن خروجها من الثلث معتبر حال الموت، لا قبله ولا بعده" انتهى.
وقال البهوتي في "شرح منتهى الإرادات" (2/243): " (و) عطية مريض (في مرض موته المخوف: كوصية)؛ تنفذ في الثلث فما دونه لأجنبي. وتقف على الإجازة: فيما زاد عليه، ولوارث" انتهى.
ثانيا:
إذا تبين أن هذا التبرع لم يكن في مرض الموت المخوف، فإن هؤلاء الإخوة شركاء لأخيهم من وقت التبرع.
فإذا ربحت الشركة، فإنهم يأخذون حصتهم من الربح من وقت اعتبارهم شركاء، لا قبل ذلك.
فلو كان الربح لستة أشهر مثلا، وكان دخولهم في الشركة من شهرين، فيحسب ربح الشهرين وهو الثلث، ثم يأخذون نسبتهم منه، والباقي للورثة.
وإذا مات أخوهم، فهم شركاء للورثة في هذه الشركة، فتكون له حصتهم التي حددها لهم أخوهم، وما بقي من الشركة، يوزع على ورثة المتوفى.
والله أعلم.
تعليق