الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

هل انعدام المصائب والأمراض دليل على نقص إيمان العبد؟

458065

تاريخ النشر : 08-07-2023

المشاهدات : 3882

السؤال

انا انسانة لا امرض الا نادرا والحمد لله، ولا تصيبني مصائب والحمد لله مستقرة في حياتي والحمد ، احيانا ما يوسوس لي ان ايمان ناقص لان المؤمن مصاب وانا لا اصاب الا نادرا، فهل فهل هذا نقص في الايمان؟

الجواب

الحمد لله.

روى البخاري (5645) عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا ‌يُصِبْ ‌مِنْهُ ).

قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:

" هذا حديث صحيح، ومعناه، والحمد لله واضح، وذلك أن من أراد الله به خيرا، وخير الله في هذا الموضع رحمته، ابتلاه بمرض في جسمه، أو بموت ولد يحزن له، أو بذهاب مال يشق عليه، فيأجره على ذلك كله، ويكتب له إذا صبر واحتسب، بكل شيء منه حسنات يجدها في ميزانه لم يعملها، أو يجدها كفارة لذنوب قد عملها، فذلك الخير المراد به في هذا الحديث، والله أعلم " انتهى. "التمهيد" (8 / 218).

وهذا النص وما يماثله فيه تبشير للمؤمنين وتخفيف لأحزانهم.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:

"وفي هذه الأحاديث بشارة عظيمة لكل مؤمن؛ لأن الآدمي لا ينفك غالبا من ألم بسبب مرض أو هم أو نحو ذلك مما ذكر، وأن الأمراض والأوجاع والآلام، بدنية كانت أو قلبية، تكفر ذنوب من تقع له " انتهى. "فتح الباري" (10 / 108).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" المراد: من يرد الله به خيرا فيصيب منه فيصبر علي هذه المصائب، فإن ذلك من الخير له، لأن المصائب يكفر الله بها الذنوب ويحط بها الخطايا، ومن المعلوم أن تكفير الذنوب والسيئات وحط الخطايا لا شك أنه خير للإنسان، لأن المصائب غاية ما فيها أنها مصائب دنيوية تزول بالأيام، كلما مضت الأيام خفت عليك المصيبة، لكن عذاب الآخرة باق- والعياذ بالله- فإذا كفر الله عنك بهذه المصائب صار ذلك خيراً لك " انتهى. "شرح رياض الصالحين" (1 / 245).

وهذا الحديث وأمثاله لا يعني أن على المؤمن أن يتطلع إلى المصائب، بل نصوص الشرع متواترة على أن المشروع للعبد أن يسأل الله تعالى العافية في الدنيا والآخرة، وإذا تأملت أذكار الصبح والمساء، كما في جواب السؤال رقم (217496)، رأيت أن فيها طلب العافية والحماية من المصائب.

وقد روى الإمام مسلم (2688) عَنْ أَنَسٍ:  أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟

قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ! مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ، أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلَا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ فَشَفَاهُ ).

وعلى ذلك؛ فالمسلم أمره كله خير إن قام بما أمر به، واجتنب ما نهي عنه، فهو على خير إن كان في نعمة وعافية وقام بشكرها فعلا وقولا.

روى الإمام مسلم (2999) عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ).

وسُئل الشيخ عبد المحسن العباد:

" هل ‌عدم ‌مرض ‌الإنسان دليل على أن الله لا يحبه؛ لأن الله إذا أحب العبد ابتلاه؟

‌‌فأجاب:

لا يقال هذا، فالمهم هي الأعمال الصالحة، فإذا كان الإنسان في صحة وعافية، وعلى أعمال صالحة: فهذا هو مناط المحبة، فإن مناط المحبة هو العمل الصالح: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) آل عمران: (31) " انتهى. "شرح سنن أبي داود للعباد" (364 / 23 بترقيم الشاملة آليا).

على أن الابتلاء ليس خاصا بالأمراض ، فقد يبتلي الله العبد بضياع مال ، أو موت حبيب ونحو ذلك من الأمور التي لا ينفك عنها إنسان مهما كان ، وقد تقدم في كلام ابن حجر رحمه الله ما يشير إلى هذا المعنى .

وإذا كان الله تعالى قد رزقك العافية فاحمدي الله تعالى على هذه النعمة العظيمة ، وسلي الله أن يديمها عليك، ويتمها عليك ، وقومي بشكرها ، حتى يديمها الله عليك ، ويزيدك من فضله .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب

موضوعات ذات صلة