السبت 8 جمادى الأولى 1446 - 9 نوفمبر 2024
العربية

هل يذبح بنية الصدقة في بلده أو يختار بلدًا أشد فقرًا؟

470736

تاريخ النشر : 12-09-2023

المشاهدات : 3110

السؤال

أيهما أفضل الذبح ( بنية الصدقة ) فى بلدي ام فى بلاد اشد فقراً
مع العلم انها فى ذلك البلد ارخص سعراً بكثير من بلدي وأيسر ؟؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كان في بلدك أقارب وأرحام وجيران فقراء: فصدقة التطوع عليهم أفضل، والبداءة بهم أولى، فقد جاءت النصوص بتقديمهم والحث على البداءة بهم.

قال تعالى: قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ ‌فَلِلْوَالِدَيْنِ ‌وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة: 215] .

 وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ: دِينَارٌ ‌أَنْفَقْتَهُ ‌فِي ‌سَبِيلِ ‌اللَّهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا للذي أنفقته على أهلك رواه مسلم (995).

وعن أبي هريرة قال: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّدَقَةِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: ‌تَصَدَّقْ ‌بِهِ ‌عَلَى ‌زَوْجَتِكَ - أَوْ قَالَ: زَوْجِكَ -، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ. رواه أبو داود (1691).

‌‌قال النووي رحمه الله: "أجمعت الأمة على أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب، والأحاديث في المسألة كثيرة مشهورة. قال أصحابنا: ولا فرق في استحباب صدقة التطوع على القريب وتقديمه على الأجنبي بين أن يكون القريب ممن يلزمه نفقته أو غيره. قال البغوي: دفعها إلى قريب يلزمه نفقته أفضل من دفعها إلى الأجنبي" انتهى من "المجموع" (6/238).

ثانياً:

إذا لم تكن أسباب التفضيل السالفة الذكر موجودة، فلا شك أن تلمس البلد الأشد فقراً في الذبح بنية الصدقة أولى؛ ولذا نجد أن آية الزكاة قدمت الأشد حاجة وبدأت به، قال الله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ ‌لِلْفُقَرَاءِ ‌وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة: 60]؛ فبدأ بالفقراء، وهم الأشد.

ولهذا أجاز جمع من أهل العلم نقل الزكاة الواجبة إلى البلد الأشد فقراً والأكثر حاجة، فنقل صدقة التطوع من باب أولى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "تحديد المنع من نقل الزكاة بمسافة القصر ليس عليه دليل شرعي، ويجوز نقل الزكاة وما في حكمها لمصلحة شرعية" انتهى من "تقريب فتاوى ابن تيمية" (3/ 514).

وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: "والأصل في الزكاة أن تصرف في فقراء البلد التي بها المال للحديث المذكور، وإن دعت حاجة إلى نقلها كأن يكون فقراء البلد التي ينقلها إليه أشد حاجة أو أقرباء للمزكي بجانب أنهم فقراء أو نحو ذلك جاز النقل" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (10/ 9).

وقال الشيخ السعدي رحمه الله: " ينبغي للمتصدق أن يتحرى بصدقته المحتاجين، ولا يعطي محتاجا وغيره أحوج منه" انتهى من "تفسير السعدي" (ص:116).

وعليه: فإذا كان في البلاد التي تريد أن تذبح فيها بنية الصدقة من هم أشد حاجة من بلدك بسبب الكوارث والحروب ونحوها، ترجح جانب الذبح هناك، لا لأجل رخص الثمن، بل لأجل دفع حاجة من نزلت بهم الفاقة، أو اجتاحت أموالهم الجائحة من المسلمين. وصدقة التطوع الأمر فيها واسع.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب