الأربعاء 26 جمادى الأولى 1446 - 27 نوفمبر 2024
العربية

مشكلة الذوبان اللغوي للمسلمين في الخارج

السؤال

نواجه نحن المسلمين في الخارج مشكلة الذّوبان اللغوي بحيث نتكلّم بلغة الكفّار في بلاد الغرب من حيث نشعر ولا نشعر ، مماشاةً لمن حولنا وتأثّرا بالوسط الذي نعيش فيه ، فما هو موقف الشريعة من هذا الأمر وكيف نتغلّب على المشكلة ؟

الجواب

الحمد لله.


ذكر شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله في شأن هذه المشكلة وتبيان خطرها وأثرها والموقف الشّرعي منها كلاما متينا نفيسا هذا نصّه :
" وأما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة للمصر وأهله ولأهل الدار وللرجل مع صاحبه ولأهل السوق أو للأمراء أو لأهل الديوان أو لأهل الفقه فلا ريب أن هذا مكروه فإنه من التشبه بالأعاجم وهو مكروه كما تقدم .   
 ولهذا كان المسلمون المتقدمون لما سكنوا أرض الشام ومصر ولغة أهلهما رومية وارض العراق وخراسان ولغة أهلهما فارسية وأهل المغرب ولغة أهلها بربرية عودوا أهل هذه البلاد العربية حتى غلبت على أهل هذه الأمصار مسلمهم وكافرهم وهكذا كانت خراسان قديما ثم إنهم تساهلوا في أمر اللغة واعتادوا الخطاب بالفارسية حتى غلبت عليهم وصارت العربية مهجورة عند كثير منهم ولا ريب أن هذا مكروه .
وإنما الطريق الحسن اعتياد الخطاب بالعربية حتى يتلقنها الصغار في الدور والمكاتب فيظهر شعار الإسلام وأهله ويكون ذلك أسهل على أهل الإسلام في فقه معاني الكتاب والسنة وكلام السلف بخلاف من اعتاد لغة ثم أراد أن ينتقل إلى أخرى فإنه يصعب عليه    
واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل والخلق والدين تأثيرا قويا بينا ويؤثر أيضا في مشابهة صدر هذه الأمة من الصحابة والتابعين ومشابهتهم تزيد العقل والدين والخلق    
وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب    
ثم منها ما هو واجب على الأعيان ومنها ما هو واجب على الكفاية    
وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد فتفقهوا في السنة وتفقهوا في العربية وأعربوا القرآن فإنه عربي    
وفي حديث آخر عن عمر رضي الله عنه أنه قال تعلموا العربية فإنها من دينكم وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم    
وهذا الذي أمر به عمر رضي الله عنه من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يحتاج إليه لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله .. " اقتضاء الصراط المستقيم 2/207
وننصح بالإضافة لما تقدّم بما يلي :
- أن يجاهد المسلمون أنفسهم هم وأهلوهم وأولادهم على أن يتكلموا باللغة العربية في بيوتهم ومنتدياتهم واجتماعاتهم وأن يكون الوالدان قدوة للأولاد داخل البيت في هذا وان يتعمّدا أحيانا عدم إجابة الولد إذا لم يتكلّم باللغة العربية .
- الحرص على إدخال الأولاد المدارس والأكاديميات العربية ما أمكن ذلك .
-  أن تعيش العوائل المسلمة في تجمعات سكانية ما أمكن حيث يكون المحيط والجيران والبيئة الصغيرة عربية اللغة .
-  الاجتهاد في إقامة دورات لتعليم اللغة العربية واحتساب الأجر في ذلك والتقرّب إلى الله به وكذلك متابعة تعلّم اللغة العربية في الكتب والأشرطة والوسائل التعليمية الحديثة .
-  السماع المستمر للقرآن الكريم المسجّل وأشرطة الدروس والمحاضرات الإسلامية باللغة العربية .
والله وليّ التوفيق وصلى الله على نبينا محمد .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد