الحمد لله.
أولا :
يعتقد كل مؤمن أن الغيب لا يعلمه إلا الله ، قال الله تعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) النمل/65.
وقد جاءت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تبين أن سؤال العرافين والمنجمين وتصديقهم أمر عظيم.
روى مسلم (2230) عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً).
وروى أحمد (9536) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَنْ أَتَى كَاهِنًا، أَوْ عَرَّافًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ ) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (5939).
ولا تعارض بين الحديثين، فالأول فيمن أتاهم فقط ولم يصدقهم ، والثاني فيمن صدقهم.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
"لا تعارض بين الحديثين، فحديث: (من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد) يراد منه: أن من سأل الكاهن معتقداً صدقه وأنه يعلم الغيب فإنه يكفر؛ لأنه خالف القرآن في قوله تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) النمل/65.
وأما الحديث الآخر: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) رواه مسلم وليس فيه (فصدقه).
فبهذا يُعلم أن من أتى عرافا فسأله لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ، فإن صدقه فقد كفر.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/48)
وعلى هذا ؛ فوالدك ووالدتك على خطر عظيم ، وعليهما التوبة إلى الله تعالى من هذا العمل.
ثانيا :
ينعقد النكاح بالإيجاب والقبول .
فإذا كان والدك قال : زوجتك ابنتي ، وقال الزوج قبلت ، فقد تم عقد النكاح بذلك .
وأنت لم تذكري الصيغة التي قيلت حتى نحكم هل كان المراد عقد النكاح حقيقة ، أم كانت مجرد خطوبة ومواعدة على الزواج .
غير أنك ذكرت أن ذلك كان بحضور عدل شرعي ، فإن كان هذا العدل هو ما يسمى في بلاد أخرى "المأذون" وهذا هو الظاهر ، فهذا يدل على أن الذي تم هو عقد نكاح مستوفٍ للشروط والأركان ، لأن هذه هي وظيفة المأذون ، أن يتحقق من أن العقد مستوف للشروط والأركان ، ويعقده على ذلك ، ولم يبق إلا تسجيله في الأوراق الرسمية.
ثالثا :
لا تتوقف صحة عقد النكاح على توثيقه في الأوراق الرسمية ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم: (217698).
وبناء على هذا ؛ فإذا كان قد حصل العقد الشرعي، بالإيجاب والقبول بين والدك وهذا الخاطب، باللغة أو الطريقة التي تتعارفون عليها في عقد النكاح: فليس لوالدك الاعتراض على هذا الزواج بعد إتمامه ، لاسيما وهو يعترض من أجل سبب محرم ، لا يجوز بناء الاعتراض عليه .
ولك أن تكملي توثيق العقد ، ولو كان ذلك مع اعتراض الأب ، وتراجعه .
ولكننا ننصحك أن تتريثي في توثيق العقد ، وإتمام النكاح رغما عن الأب والأم ، لأن ذلك سيؤدي إلى نزاع وخصام داخل الأسرة ، فتتفكك الأسرة ويحصل قطيعة رحم قد تدوم سنوات طويلة .
وفي هذه الحالة لابد من تدخل عقلاء العائلة لينصحوا الأب حتى يرضى ، كما يمكن توسيط بعض المشايخ وطلبة العلم – إن أمكن ذلك – أو يطلب من إمام المسجد الذي يصلي فيه والدك أن يخصص خطبة جمعة عن حكم من ذهب إلى العرافين والكهان ، وبيان أن الغيب لا يعلمه إلا الله .
فلابد من السعي في كل سبيل حتى يرضى الأب ، فإن أصر على رفضه ، فلا حرج عليك من الاستمرار في توثيق العقد ، والانتقال إلى زوجك ، ولو كان ذلك بدون رضاه .
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك ، وأن يهدي أهلك.
والله أعلم .
تعليق