الحمد لله.
أولاً:
إن كانت الحال على ما ذكر في السؤال؛ فلا شك أن هذا من منغصات الحياة، ولا يليق برجل أمره الله بالقوامة والإنفاق وتحمل مسؤولية تربية أولاده أن يكون بهذه الحال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ وَهْىَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ، أَلاَ فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ رواه البخاري ( 2278 ) .
ومن المعلوم أن للمرأة أن تطلب الطلاق أو الخلع، إن وجد ما يدعو لذلك، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً ؛ لما روى البخاري (4867)
وقولها : " ولكني أكره الكفر في الإسلام " أي أكره أن أعمل الأعمال التي تنافي حكم الإسلام من بغض الزوج وعصيانه وعدم القيام بحقوقه .. ونحو ذلك .
ينظر : "فتح الباري (9/400).
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في بيان ما يسوّغ طلب الخلع :
" إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها، كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب، والانتقاد لأدنى فعل والعتاب على أدنى نقص: فلها الخلع .
ثانياً : إذا كرهت خِلقته كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع .
ثالثاً : إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة أو التهاون بالجماعة، أو الفطر في رمضان بدون عذر، أو حضور المحرمات، كالزنا والسكر والسماع للأغاني والملاهي ونحوها؛ فلها طلب الخلع.
رابعاً : إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية، وهو قادر على ذلك، فلها طلب الخلع .
خامساً : إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها، لعُنّة ( عيب يمنع القدرة على الوطء) فيه ، أو زهد فيها ، أو صدود إلى غيرها ، أو لم يعدل في المبيت: فلها طلب الخلع ، والله أعلم " انتهى ، وينظر جواب السؤال رقم (1859 ).
ثانياً:
بما أن أختك هي صاحبة الشأن، وتعرف حال زوجها أكثر من أي شخص، فهي التي تقدر المصلحة في البقاء معه من أجل مصلحة الأولاد مع وجود تلك المنغصات؛ لأن وجود الأب وشعور الأولاد باجتماع الأسرة له بعد نفسي واجتماعي وتربوي، وفي أحيان كثيرة يكون أفضل من الانفصال.
كما أن علينا أن نميز في النصح والإرشاد الذي يوجه للمرأة التي بمثل حالها قبل وجود الاولاد وبعد وجودهم، فالتضحية من أجل سلامتهم وأمنهم الاجتماعي والنفسي والأسري يستحق الصبر والتضحية.
مع الإلحاح على الله بالدعاء بأن يصلح حاله، وطلب أهل الرأي والنصح أن يتعاهدوه، فإن القلوب تتقلب، وهي بيد الله، فكم من شخص عاد إلى رشده واستقرت حاله بعد انحراف وشطح.
وإذا كان من أهله وعشيرته من هو رشيد، صالح الرأي، له هيبة عنده، وتأثير عليه: فيمكن الاستعانة به للتأثير عليه، وإطلاعه على حاله، إن كان يرجى من ذلك صلاحه.
فالذي يظهر لنا أنه مادامت أختك متحلية بالصبر، وهو دليل على رجاحة عقلها، وبعد نظرها، فينبغي ألا يتدخل أحد بالإشارة عليها بالانفصال، الذي قد يكون ضرره أكبر من ضرر بقائها مع هذا الزوج على ما فيه من علات.
فإن خافت هي على نفسها، أو دينها، أو عيالها، فليكن منها ذلك، ولا حجر عليها في طلب الانفصال عنه، وليس نصحها بذلك، أو إرشاده إليه، هو الذي يؤمنها، لو أرادت الطلاق منه.
والله أعلم
تعليق